الشيخ الدكتور إبراهيم الغصن -رحمه الله- كانت تربطني به علاقة جوار منذ الصغر، امتدت حتى آخر أيامه -رحمه الله- فكانت الزمالة بالجامعة، وقبلها صداقة واتصالات فيما يخدم مدينتنا بريدة، كما يدور بيننا نقاشات مطولة عن واجبنا تجاه الدين والوطن وولاة الأمر -حفظهم الله- فتلمس منه حبه الشديد لوطنه وولاة أمره، وغيرته على وطنه وأمنه من أي اختراق يؤثر على وحدته وسكينته؛ فسخَّر نفسه وكتاباته لخدمة ذلك.. مع فاعليته المجتمعية من خلال نشاطه ومشاركاته المبكرة في العمل الخيري من خلال لجنة الرعاية الأسرية بجمعية البر ببريدة ولجان الإصلاح الأخرى، مع سعيه الدؤوب لخدمة مدينته بريدة من قبل أن يدخل المجلس البلدي ويكون رئيسًا له لفترتين.. ولم يرأسه ثانية إلا لثقة منتخبيه من أعضاء المجلس بقدراته وتفاعله.
لقد نال الدكتور إبراهيم -رحمه الله- من الثناء بعد وفاته ما يجعل أسرته تفخر به، ونال من العبارات ما هو أهلٌ له؛ وهذا يدل على مكانته، وسمو أخلاقه.. وإنني بهذه المناسبة أوجِّه رسالة لأحبتي أبناء مجتمعي: حبذا لو علم الأموات بهذا الحب المتدفق من جميع أبناء المجتمع، وهذه الكلمات والعبارات التي تشيد بعلمهم وخصالهم ومواقفهم قبل وفاتهم.. لو علموا لأسعدتهم تلك العبارات، وأبهجتهم تلك الكلمات الناتجة من تقدير المجتمع لجهودهم ومواقفهم، وأثلج صدورهم هذا الثناء.
أحبتي.. لماذا نبخل على من يستحق ذلك في حياته، وننتظر حتى يغيِّبه الموت؟ لماذا نبخل بعواطفنا وأحاسيسنا تجاه من نحب وتجاه من يستحق ذلك؟
لماذا لا نبادلهم هذا الشعور في حياتهم؟
لماذا لا يظهر هذا الثناء وهذا المديح وهذا التميز والمواقف والنخوة إلا بعدما نتأكد من أن صاحبه قد غادر الحياة..؟
لماذا نهمِّش الأحياء حتى يتأكد لنا وفاتهم لكي نثني عليهم؟ حتى إن أسرهم يتعجبون مما يسمعون عن قريبهم.. وهذا -لا شك- جميل، لكن الأجمل أن يكون ذلك الحب والشعور بالعواطف النبيلة والشكر لتلك المواقف في حياتهم؛ لندخل السرور والبهجة في نفوسهم.
أين هذا كله في حياتهم؛ لكي نشجعهم على الاستمرار في مواقفهم المشرفة وغيرها..؟!!
علينا أن نراجع أنفسنا.. فنعرف للحي قدره، ونثني عليه بدون إفراط ولا تفريط..
رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته ومحبيه الصبر والسلوان.
{إنَّا لهِ وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون}
** **
د. إبراهيم بن حمود المشيقح - نائب رئيس لجنة الأهالي لمدينة بريدة