عليك سلام الله منّي تحية
ومن كل غيث صادق البرق والرعد
ما من شك أن زيارة المرضى، أو المهاتفة للاطمئنان على صحتهم وإيناسهم وإدخال السرور في نفوسهم، والدعاء الصادق لهم مما يفرحهم ويؤنسهم، وقد حثّت السُنة المطهرة على ذلك ومضاعفة الأجر لمن اعتاد الزيارة...، كما أن الشاعر قد حبب تعليل المرضى قائلاً:
وعللوهم بآمال مُفرِحة
فطالما سرت الآمال محزُونا
فعندما هاتفت منزل صديقي وجارنا القديم عبدالرحمن بن عبدالله الغدير لسؤال عقيلته الملازمة له أثناء مرضه، حصة بنت عبدالله الغيهب -أم محمد- عن حاله، فوجئت بردّ إحدى بناتها وهي تُدافع عبراتها وتكفكف دمعاتها في تلك اللحظات..، حزناً بأن والدتها تَحْتَضِر وأنها في حالة حرجة..
حيث انتقلت إلى رحمة الله مساء يوم الجمعة 2-9-1439هـ فتأثرتُ كثيراً لرحيلها العاجل، وقد أديت صلاة الميت عليها بجامع الملك خالد بأم الحمام بعد صلاة عصر يوم السبت 3-9-1439هـ، ثم حُمل جثمانها الطاهر إلى مقبرة «صفية» بمحافظة حريملاء -رحمها الله- وقد حضر عدد كبير من المشيعين والمعزين داخل المقبرة داعين المولى لها بالرحمة وحسن الوفادة من رب العالمين، ومن بالغ حب ووفاء عبدالرحمن لزوجته رفيقة دربه الطويل أن حضر من الرياض إلى المقبرة مودعاً لها رغم ما يعانيه من متاعب جمّة، وظل باقياً داخل السيارة يُتابع نعشها بنظرات ملؤها الأسى والحزن العميق حتى اختفى جثمانها عن ناظريه وبقي وحيداً متحسراً، وهذا الموقف يُذكرنا بقول أستاذنا الكبير الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس في مناسبة حزن كهذه:
حناناً لكما فيما طويتم جوانحاً
عليه، وعطفي يا وحيد ورحمتي
وكانت من خيرة الجيران في التواصل وتبادل الزيارات مع والدتي وزوجتي في تلك العقود الفارطة -رحمهن الله جميعاً- كما أن زوجها عبدالرحمن بن عبدالله الغدير -شفاه الله- يُعدُّ من أقراني وأصدقائي.. فأم محمد من فضليات النساء في خدمة زوجها وملازمته حتى الآونة الأخيرة قُبيل رحيلها عنه -غفر الله لها- كما أنها محبوبة لدى أسرتها وجيرانها، عطوفةٌ على الفقراء والمساكين ومفرحة للأطفال بما تقدمه لهم من هدايا مقرونة بابتسامتها التي لا تبرح مُحياها تفتح قلوبهم نحوها، فحسنُ الخُلق من أجلِّ نعم الله على عباده، فهي من أسرة كريمة معروفة بالوجاهة وبالشجاعة والكرم، مما كان لذلك بالغ الأثر في تربيتها التربية الصالحة، وجعلها تتمتع باحترام أسرتها ومحبة مجتمعها، فالتّحلي بالتواضع، وبالأخلاق الفاضلة من السجايا الحميدة التي يُغبط صاحبها عليها:
وأحسن أخلاق الفتى وأجلها
تواضعه للناس وهو رفيع
وقد خلفت ذرية صالحة بنين وبنات، وذكراً حسناً، تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته ومغفرته، وألهم ذويها وزوجها وإخوتها وأخواتها وأبناءها وبناتها، وأسرة آل غيهب ومحبيها الصبر والسلوان.
** **
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف - حريملاء