عبده الأسمري
نازل التحديات في ميادين الهندسة والإدارة والتنمية والتعليم العالي فامتطى صهوة «المعالي» واحتذى بثبات مسكون بالنبوغ واقتدى بإثبات مرهون بالسطوع فكان «عنواناً» لتفاصيل شافعة بالهمم شفيعة بالمهمات.
إنه معالي وزير الحج الأسبق الأكاديمي السابق عضو الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى بمجلس التعاون الخليجي الدكتور محمود بن محمد سفر.
بمحيا لطيف تسكنه تقاسيم حجازية تتوارد من وجه مكاوي معتق بالسمت وعينين واسعتين تتوشحان النبل وكاريزما تنعم بالإتقان في الحديث والإذعان حين السماع وأناقة تتوارد من سمو أبوي وحنو أخوي وصوت مسجوع باللغة العلمية واللهجة المكاوية والعبارات البيضاء المتناسقة مع أحاديث مركبة من العلم والهندسة والخبرة تواءمها «نفس تواقة للبحث منساقة للعلا أمضى محمود سفر عقودًا على طاولات المناصب ومنصات التوصيات وكراسي المسؤولية وجهًا للعطاء وواجهة للوطن في مجالات الفكر والتدريس والتخطيط وصناعة القرار.
بين حواري مكة وبيوت الطين والأزقة الضيقة المكتظة بالفلاح وأصوات هديل حمام الحرم وأحاديث المكاويين وحكايات الطيبين نشأ محمود سفر مخطوفًا إلى أهازيج العيد وأناشيد المجسات التي غمرت قلبه الصغير برياحين أم القرى فانعتقت روحه من شقاوة أقرانه طفلاً وتعتقت بنقاوة الإبداع فظل عامر الحي الذي أطرب أسرته ببداهته ودهائه في شهادات تفوق زينت حجرته وهو صغير يتفحص أحجار مكة ويقطع شعابها فنمت في ذهنه قدرية «الاكتشاف» وحتمية «الفضول» فقادته إلى دراسة الهندسة والجيولوجيا التي لامس رموزها الأولى في خارطة «البلد الأمين» فرسم هوايته العلمية وهويته العملية باكرًا بخطوط متينة ومتن مستديم.
تلقى سفر تعليمه العام بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة وحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة القاهرة عام 1384هـ ثم نال درجة الماجستير في ميكانيكا التربة وهندسة الأساسات من جامعة ستانفورد بأمريكا وحصل على درجة «الدكتوراه» في الهندسة الجيوتقنية من جامعة ولاية كارولينا بأمريكا عام 1392هـ ونال دبلوم الإدارة العليا من جامعة ستانفورد بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1400هـ.
عمل معيدًا بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود خلال عامي 1384هـ و1385هـ وقام بالتدريس بجامعة كارولينا أثناء إعداده لـ»أطروحة» الدكتوراه».
عين أستاذاً بكلية الهندسة بجامعة الملك سعود وعين عميداً لشؤون الطلاب وعضواً بالمجلس الأعلى بالجامعة بجانب عمله الأكاديمي.
ثم تعين أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للجامعات ثم عين كأول وكيل لوزارة التعليم العالي وترأس لجنة معادلات الشهادات الجامعية ومثل المملكة في عضوية مجلس التعليم العالي لدول الخليج العربي، وترأس المجلس لأربع دورات متتالية وتولى منصب نائب رئيس الهيئة العليا لجائزة الملك فيصل العالمية وشارك في تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي وتمت ترقيته كأستاذ للهندسة المدنية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران عام 1404هـ.
كان أول رئيس مؤسس لجامعة الخليج العربي بالبحرين وشغل رئيسها من عام 1984 - 1988م عين وزيراً للحج عام 1414 لمدة ست سنوات وقام فيها بأعمال وتغييرات جذرية في مسار الوزارة ومنهجيتها وكان من أسس شعار خدمة الحجاج شرف لنا وقد أسهم في بلورة صورة جديدة لتغيير نمطية مكاتب «الطوافة» وتنشيط العمل الميداني وتوظيف الشفافية وتوطيد معاني الابتكار والاعتبار في التفكير والتنفيذ.
عُين عضواً بالهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى بمجلس التعاون الخليجي عن المملكة عام 1427 ولسفر عشرات العضويات في عدة مجالس وهيئات وجمعيات محلياً وإقليمياً ودولياً.. وقام سفر بإعداد عدد من الدراسات التخصصية وأسهم في خطط تأسيسية في وزارة التعليم العالي وترأس الجانب السعودي في عدة لجان ثقافية دولية مشتركة وشارك في عشرات المؤتمرات والندوات بالداخل والخارج.
عشرات المؤلفات والبحوث التي جاد بها الدكتور سفر ووزعها في اتجاهات مركبة من العلم والحياة والتأملات والتخطيط والدراسات والحضارة والإدارة والفكر والبحث وقد تم تتويجه بعدد من الأوسمة وتكريمه في أكثر من محفل.
ما بين دروب العلياء وضروب النماء وضع سفر أعمدة ثابتة ناصبًا أشرعة الفكر والضياء المعرفي فما بين منصة قرار وركن تخطيط وأفق رؤية وعمق دراية جال سفر مسافرًا بين حراكه «العلمي» إلى بعد نظره العملي فقطف ثمار تساقطت يانعة في المنتصف مختصرًا النهايات في استشراف واحتراف حشد له «مكونات التفرد» ورصد منه «مدونات المرحلة» ماضيًا إلى حيث ينتهي الكبار بتقديم «الهدايا» في نظريات للتنمية ومناظرات للبراهين وشهادات للتاريخ وثوابت للقامات.