عبد الله باخشوين
منذ سنوات بعيدة كتبتُ في بغداد قصة بعنوان (ملحق للتقرير الوارد عن المدعو: علي بن علوان)، ونشرتها هناك في مجلة (الأقلام)، وعندما عدت عرفت من الشاعر محمد زايد الألمعي أن القصة على اسم والد صديقي وحبيبي القاص المبدع محمد علوان، فلم أهتم كثيرًا؛ خاصة أن تلك القصة ليست من الأعمال الجيدة، وأهملتها تمامًا. أما صديقي علوان فقد مضى تواصلي معه ينمو، وأدين له بالفضل في (إجازة) مجموعتي القصصية الأولى (الحفلة) دون أية تعقيدات من جهاز رقابة المطبوعات الذي كان يترأسه في أعمال إجازة الكتب والمطبوعات.. غير أني حتى هذه اللحظة لا أعرف اسم (والده) -رحمه الله وعفا عنه- ولم تأتِ مناسبة لذكر اسمه رغم أنني كتبت تعقيبًا على قصة له بعنوان (تلفون) أو (رنين) -لا أذكر- كانت تدور حول وفاة والده وشقيقه.
المهم أن محمد علوان كان هو وسيلة اتصالي الوحيدة بصديقنا المشترك الزميل داوود الشريان؛ فقد كان يغير رقم هاتفه باستمرار. ولأن تواصلي معه في المناسبات أو عندما احتاج إليه فإنني لم أكن أجد من أستعين به للحصول على رقم هاتفه سوى علوان. وقد كانت صداقتنا مشتركة رغم أني لا أذكر أننا قد اجتمعنا معًا، ولم يكن يجمعنا سوى حبنا المشترك لهذا الـ(داوود) نتيجة لوجودنا في مدن مختلفة، ولقائنا النادر، وإن كنت أتذكر أحيانًا أن بيني وبين داوود ما يشبه (التوأمة) في بعض الأشياء التي هي عامة في الحياة؛ فهو أبو محمد أيضًا.
وحكى مرة عن (عصب رأس) أمه بعد رسوبه الذي لم يتكرر. ولفت انتباهي أن أبي يدعوني بـ(يا عصابة رأسي). وربما في بعض الأشياء التي ليست مهمة، مثل عدم كتابته (رثاء) في أمه؛ لأن في نفسه شيئًا باقيًا منها.. وكذا حالي مع أمي التي عندما يرد ذكرها أحيانًا فيما أكتب أتعمد أن يكون كما لو أنها حية تُرزق كما أشعر بها في أعماقي. وبعد موت أبي بشهور عدة ذهبت للبحث عنه حيث يكون دائمًا على أمل أن أجده؛ لأني كنت غائبًا حين مات ودفن.
هذه شذرات عن داوود، أعادني للتفكير فيها صديقي العزيز محمد علوان؛ فهو من تبقى من الأصدقاء الذين يتواصلون معي من حين لآخر.. وأدعو الله أن يُبقي ما بيننا عامرًا ودائمًا.