الدمام - عبير الزهراني:
أكد مختصون لـ«الجزيرة» أن تغير ثقافة الاستهلاك لدى الكثير من أفراد المجتمع أسهمت بشكل ملموس في تراجع الإقبال الكثيف على شراء السلع الرمضانية على عكس ما كان يحدث في السابق من شراهة في الشراء لا تراعي الاحتياج الفعلي لاستهلاك الأسر من المنتجات الغذائية في رمضان. وقالوا إن هناك تباطؤاً في حركة المبيعات للسلع الرمضانية يصل إلى20 %، مشيرين إلى أن السوق تأثر أيضاً بمغادرة العديد من الأسر غير السعودية التي كانت تشكِّل رقمًا ليس بالهين فيما يتعلق بحجم المشتريات من السلع الغذائية، إضافة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وقال المحلل الاقتصادي فهد الثنيان: شكَّل عامل الوعي الاستهلاكي لدى الأفراد جانباً مهمًا في مسألة الإقبال على الشراء والتسوق خصوصاً للاحتياجات الأسرية غير الضرورية، خصوصاً مع ثورة وسائل التواصل الاجتماعي وتوفيرها معلومات توعوية للمستهلكين، كما أن هناك مبادرات من جهات غير ربحية متعددة لرفع الوعي المالي لدى الأفراد ووصل مداها إلى طلاب وطالبات المدارس. وأضاف: نمر بمرحلة تغير لا يمكن تجاهلها ومن أبرز ملامحها التجارة الإلكترونية وعلى ملاك متاجر التجزئة أن يستعدوا لها فهي تحدث وتأخذ أثرها عالمياً وبالتأكيد ستمتد إلى السوق المحلي وسيتأثر قطاع التجزئة بها خاصة مع مضي مؤسسة النقد في مبادرات تعمل على تسهيل عمليات التجارة الإلكترونية. وقال الثنيان إن ضريبة القيمة المضافة أثرها أكبر على الطبقات ذات الدخل المتوسط والمرتفع لأن لديها مساحة أكبر تتمثل في إنفاق غير ضروري ستتخلص منه بعد فرض هذه الضريبة؛ وذلك بعكس ذوي الدخل المحدود حيث ينفق جل دخله إن لم يكن كله على ضروريات لا يمكنه الاستغناء عنها؛ فبالتالي لا يتراجع طلبه مع ارتفاع الأسعار نتيجة لفرض الضريبة.وأضاف: رسوم العمالة والتي دفعت بالكثير منها للمغادرة أو على الأقل إعادة ذويهم لبلدانهم لتفادي تحمل تكلفة الرسوم، فلدينا الآن عدد أقل من المستهلكين، كما أن رفع أسعار الوقود أثر سلباً على الدخل المتبقي للفرد لإنفاقه على بقية البنود في قائمة احتياجاته.
من جهته قال رئيس اللجنة التجارية بغرفة الشرقية هاني العفالق: هناك تباطؤ ملموس في حركة مبيعات السلع الرمضانية بنسبة تتراوح بين 15% إلى20% عن العام السابق.وقال الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري إن استهلاك الأسر خلال رمضان يتفاوت من أسرة إلى أخرى حيث يعتمد ذلك على الوعي الاستهلاكي والترشيد المتوازن في حين أن هناك هدراً استهلاكياً مرتفعاً من بعض الأسر خلال هذا الشهر مقارنة بالشهور الأخرى.
مشيرًا إلى أنه يجب التفرقة بين الحاجة والرغبة في الاستهلاك، فالحاجة تعني أنه شراء سلعة ما ضروري ومهم واحد مقومات الحياة، كالسلع الغذائية، الجانب الآخر الرغبة وهي التي لا نملك المال لشرائها ولكنها تبقى رغبة وأمنية، وهذه السلع تدخل في تصنيف السلع الكمالية أي تلك التي لا تمثل حاجة ضرورية وملحة لها، مشيراً إلى أهمية وضع ميزانية شهرية للأسرة وفق الدخل الشهري ومن ثم تحديد الاحتياجات بدءاً من السلع الضرورية والإنفاق عليها مع مراعاة هامش مالي ربحي يوجه للادخار أو للطوارئ.
وحدّد الجبيري آليات الإنفاق الاستهلاكي الأسري بقوله: عند البدء في عملية التسوق لرمضان علينا أولاً أن نخطط لذلك جيدًا وفق مراحل زمنية تتلخص فيما يلي:
أولاً.. نحدد المبلغ الذي سيتم إنفاقه لذلك، ثانياً: نسجل قائمة السلع المطلوبة وكميتها وما إذا كان لها سلع بديلة بالجودة والكفاءة نفسها ومقارنة أسعارها مع مراعاة المراكز التجارية القريبة وطريقة عرضها وتقارب مسافات السلع المعروضة وأماكنها وأسعارها. ثالثًا: الابتعاد عن المنتجات التي يتم التسويق لها كعروض التخفيضات لأن الكثير من تلك العروض إما أن تاريخ انتهائها قريب أو تكون بجودة أقل، فالتاجر في النهاية يريد تصريف مثل هذه السلع ولو بأقل من سعرها الحقيقي بدلاً من إتلافها.
رابعًا: قراءة مواصفات ودليل السلعة المتوفر عليها، المنشأ، الجودة، المكونات، تاريخ إنتاجها من واقع ختم المنشأ الفعلي، ومقارنة أسعارها بعلامات تجارية أخرى وأيهما أفضل.
خامسًا: شراء الكميات الكافية التي تحتاج استهلاكها في اليوم، فالكثير يذهب لشراء سلعة واحدة أو اثنتين ويخرج من المتجر بعربة وعربيتن والسبب في ذلك نفسي ومقولة (نحتاجه بعدين) وفي الأخير تجد أن ما تم شراؤه لا يستهلك ويتحول إلى هدر استهلاكي، سادساً: أن يتم موازنة المشتريات بأماكن التخزين في المنزل فأحيانًا تفاجئ الأسرة بأن مشترياتها أكثر من مساحة الثلاجة أو رفوف المطبخ فتتعرض للتلف أو عشوائية تنظيمها فتحدث إرباك بالتعريف لها كيفما اتفق.
وأكد الجبيري أن النقطة المهمة جدًا في خلق نمط عقلاني الاستهلاكي تتمثل في أهمية تضافر جهود الأسرة وتعاونها لتحقيق الأوليات ثم رفع مساهمة الوعي المجتمعي والإعلامي لأن تغيير النمط الاستهلاكي يتطلب رفع الوعي للأسرة وتحديد الأولويات كما نحتاج إلى قناعات استهلاكية تفرق بين السلع الضرورية والسلع الكمالية. مشيرًا إلى أن ترشيد الاستهلاك والاقتصاد السلوكي من أهم المواضيع التي يجب أن تدرج في مناهج التعليم، وتابع الجبيري: من الأهمية بمكان أن يكون الاستهلاك في رمضان للسلع الغذائية كبقية الشهور. وقال الجبيري: لابد من الحد من مظاهر البذخ والإسراف والتي تشكل للأسف ثقافة اقتصادية سلبية مقابل الحصول على المظاهر والسمعة في حين أن الثقافة الاقتصادية الصحيحة تعني أن نكون منطقيين في توجيه الإنفاق السليم.