عمر إبراهيم الرشيد
كنتُ قد تطرقت في مقالي قبل الماضي لمسألة الطب والصحة النفسية في المملكة. وهنا أود الإشارة سريعًا إلى وضع المصحات والعيادات النفسية. هناك عشرون مستشفى للطب النفسي بالمملكة بسعة أربعة آلاف سرير، وتسعون عيادة نفسية في المستشفيات العامة، فهل هذه كافية قياسًا إلى النمو السكاني والحضري المستمر؟ لعل الوزارة تتجه إلى قلب هذه الصورة إيجابيًّا ضمن التحول والرؤية الوطنية، وهذا ما يتمناه كل مخلص لهذا الوطن؛ لنوقد شموع الأمل، ونكف عن لعن الظلام.
ليس هناك عمل بلا أخطاء، ومن لا يعمل لا يخطئ. هناك قصور فهم وتعامل لدى شريحة من المجتمع تجاه المرض النفسي أو العيادات والأطباء النفسيين.. وبعض الأسر ترفض استقبال مرضاها النفسيين بحجة صعوبة التعامل معهم. إنما علينا النظر للمسألة بواقعية وتبصُّر؛ فالتعامل مع المريض النفسي ليس بالأمر الهين، ولا تكفي العاطفة على أهميتها؛ لذا فالمستشفيات والعيادات النفسية بأطبائها وكوادرها هي الأجدر بالتعامل مع المريض وعلاجه؛ فلا نلوم بعض الأسر إلا إذا كان المريض قد اجتاز مرحلة العلاج الأساسية؛ وأصبح قادرًا على الاندماج مع أسرته ومحيطه الاجتماعي.
تتبقى مسائل بحاجة إلى حلول من وزارة الصحة بقيادة الوزير النشط الدكتور توفيق الربيعة، أولها نقص العلاج السلوكي والتأهيل النفسي للمرضى المراجعين والمنومين، والتركيز على العلاج الدوائي. ثانيها عدم فتح المجال للقطاع الخاص لإنشاء مصحات نفسية؛ فالمعروف أن أسر المرضى تضطر لإرسال أبنائها إلى الأردن أو مصر حيث المصحات المخصصة لإيواء المرضى النفسيين. والأمل أن تولي خطة التحول الوطني وبرنامج الرؤية هذه المسألة الاهتمام؛ حتى تظل هذه الفئة قريبًا من أسرهم وفي بلدهم. الأمر الثالث هو وضع المستشفيات النفسية في المملكة، من حيث المباني والتجهيزات والبيئة المحيطة، وكذلك من حيث الكوادر وطرق العلاج كما أشرت.. فالنماذج الموجودة لدينا توضح القصور الواضح في جانب خطير ومؤثر، هو الصحة النفسية والاجتماعية. بعض مباني المستشفيات النفسية انتهى عمرها الافتراضي كما في جدة مثلاً، بينما يفترض أن تحوي مرافق ترفيهية وحدائق وتجهيزات، تجعل منها مصحات اسمًا على مسمى. تقبَّل الله صيامكم.