خالد بن حمد المالك
منذ قيام دولة إسرائيل، وما سمي آنذاك بالنكبة، والمملكة على مدى سبعين عاماً، وهي الداعم الأكبر والصوت المجلجل، دفاعاً عن حق الفلسطينيين في دولة سُلبت منهم، وأرض حرموا منها، وحقوقاً تجاهلها العالم، في أسوأ مأساة يمر بها شعب، وظلم لم تعرف الدنيا مثيلاً له.
* *
بالمال لا توجد دولة قدمت للقضية الفلسطينية ما قدمته المملكة، وبالدبلوماسية كانت المملكة هي الدولة التي لا تكل ولا تمل دفاعاً عن حقوق الفلسطينيين، وعلى مستوى تبني المشروعات العربية لتأصيل هذه الحقوق كان ما تتبناه المملكة هو المقبول لدى الفلسطينيين والعرب.
* *
والتاريخ والأرقام والشواهد كلها تقف شاهدة على أن المملكة الدولة التي صانت حقوق الفلسطينيين، وتصدت لمن يفكر بالمساس بها، وهو ما لم تفعله أي دولة أخرى عربية أو إسلامية أو صديقة، بل وحاربت عام 1948م ضمن من دخل الحرب من العرب ضد الوجود الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية.
* *
ومع هذا فإن نيران أعداء وأصدقاء المملكة، من عرب وعجم، لم تتوقف عن التشكيك بمواقف المملكة، متجاهلين المواقف العظيمة للمملكة من القضية الفلسطينية، ومتناسين أن التاريخ يشهد على أن أحداً لا يمكن أن ينجح في المساومة على مواقف المملكة، إذ إن أي اتهام كاذب سوف يرتد عليه لا عليها بإنصاف من التاريخ.
* *
جاء نقل الإدارة الأمريكية لسفارتها إلى القدس المحتلة ليجدد هؤلاء الهجوم على المملكة مستخدمين كل وسائل إعلامهم وأبواقهم، وكأن المملكة هي من نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس، أو أنها صاحبة اليد الطولى على السياسة الأمريكية، تأمر فتطاع، وتنهي فيستجاب لها.
* *
نعم لقد وجدت قطر وإيران وتركيا فرصتها لاستثمار نقل السفارة الذي نددت به المملكة بأقوى بيان، من أجل محاولة التشويش على مواقف المملكة الإيجابية من القضية الفلسطينية والقدس تحديداً، ولكن أنى لهؤلاء أن ينجحوا في مخططاتهم، وهي الدول الثلاث التي تتعاون مع إسرائيل على قتل القضية الفلسطينية، بدليل وجود تمثيل لإسرائيل في كل من قطر وتركيا وتعاون غير محدود مع إيران.
* *
إن هؤلاء هم من فرطوا بفلسطين، وأهدوها للإسرائيليين لتكون دولة لليهود، وراحوا يتباكون كذباً وبهتاناً على ما آلت إليه حالها، ويلقون باللوم على المملكة، بينما هم من تاجروا بالقضية الفلسطينية، دون أن يشعروا بالذنب، وقبلوا أن يعيش الفلسطينيون إما مشردين بلا وطن يأويهم، أو أن يقيموا بفلسطين تحت حكم فاشي يزج بالأحرار من الفلسطينيين في غياهب السجون، ويقتل ما يقتل منهم على رؤوس الأشهاد دون أن تتحرك ضمائر هؤلاء.
* *
والأسوأ في موقف هؤلاء أنهم يستغلون السذج من العرب والفلسطينيين، بشعارات كاذبة يبدون فيها تعاطفهم ومساندتهم للقضية الفلسطينية، وتوريط الفلسطينيين بأوهام لن تحرر بلادهم، بل إنها ساعدت على توسع أطماع إسرائيل باحتلال ما كان خارج سلطتها من الأرض الفلسطينية التي كان يمكن أن تكون دولة للفلسطينيين.
* *
إن هؤلاء لا المملكة هم من يتحمل ما آلت إليه حقوق الفلسطينيين من ضياع، ومن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بما في ذلك فشل إقامة الدولة الفلسطينية، ولو في جزء من الأرض الفلسطينية، وإن النياح والبكاء ودموع التماسيح وإلقاء التهم على الآخرين لا تحرر أرضاً، ولا تستعيد حقوقاً، ولا تنهي الاحتلال البغيض، وسيظل الموقف من حلم إقامة الدولة الفلسطينية هكذا طالما هناك من يتآمر على القضية الفلسطينية في تعمد مقصود، تموله وتدعمه دول وأحزاب وإعلام رخيص.
* *
وعلينا أن نتذكر بأن المستفيد الأول من كل هذا الهجوم الوقح على المملكة هي إيران، التي تريد أن تصرف الأنظار عن الحصار الذي تعاني منه، والمستقبل المظلم الذي سوف تواجهه بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وذلك بالتركيز على ربط نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باتهامات باطلة للمملكة، ولكنهم لن ينجحوا أبداً في تغيير المسار الصحيح.