إبراهيم عبدالله العمار
في القرن الخامس قبل الميلاد، أتت نهاية الفيلسوف سقراط ظلماً بالسم، وقضى جلادٌ جاهل على عقل عظيم، في قصة هي من أقدم القصص المعروفة لذكر السم.
السم له تاريخ قديم لدى البشر، وهو يسبق سقراط بكثير، فقبله بألف سنة كان الصينيون يصنعون سماً اسمه جينكان، فيحبسون عدة كائنات سامة كأفعى وعقرب وحريشة (حشرة سامة) تبتلع بعضها بعضاً وينتهي قتالها بتركيز شديد للسمية في جسم المنتصر حسب ظنها، وهذا السم استخدم أيضاً في السحر.
كلنا يعرف سمية الأفاعي والعقارب، فالأفاعي أشد سمية، وعلى رأسها الكوبرا في آسيا والتايبان في أستراليا، أما العقرب فرغم شهرته البالغة في تراثنا إلا أن الكثير لا يعرف أن سمه ضعيف، وأغلبية العقارب لا تسبب إلا ألماً وتورماً مكان اللدغة فقط، لكنّ هناك نوعين من العقارب التي تعيش في صحاري جزيرة العرب هي التي يمكن أن تقتل. ماذا عن الكائنات الأخرى؟
هناك أنواع منها لا يتخيل الشخص أنها سامة، منها.. حلزون! هذا الكائن الصغير ذو القوقعة الرخامية تكفي قطرة واحدة من سمه لقتل عدد من البشر. السمكة المنتفخة شهيرة في الطعام الياباني لكنها سامة جداً وتحتاج حذراً بالغاً في صيدها وطبخها، حتى إن الطباخ تلزمه رخصة حكومية لذلك! كل أنواع الأخطبوط سامة لكن مثل العقرب سمها ضعيف عدا وجود نوع ذي بقع زرقاء، شديد السمية، والأخطبوط دائماً يتجنب البشر ولا يهاجم إلا إذا استشعر خطراً داهماً (ومعه حق، فالإنسان أخطر كائن على وجه الأرض، أباد ولا يزال يبيد أعداداً هائلة من الكائنات)، والسموم أنواع، ونوع سم الأخطبوط هذا يهاجم الجهاز العصبي، وأخطبوط واحد منها لديه كمية سم كافية لقتل 26 إنساناً، والسم لا ترياق له، ونفس السم موجود لدى كائن آخر لا يمكن أن تتوقعه: الضفدع!
الضفدع ذاك الكائن اللطيف الطريف، غالباً لا ضرر منه، ترى لونه الأخضر الباهت الذي يندمج بسهولة مع بيئته، لكن إذا رأيت ضفدعاً له ألوان زاهية مضيئة زرقاء أو صفراء أو حمراء فهي علامة إنذار تعني «ابتعد»، فهذا الضفدع الذي لا يجاوز قرشاً صغيراً في حجمه هو أشد كائن سمية في كوكبنا كله! ضئيل الحجم عظيم الخطر.. هذا لديه سم هائل التركيز، يقتل 20 ألف فأرة، أو 10 بشر بالغين، ولا يحتاج قطرة كاملة ليقتلك، بل إن جزءاً يساوي رأس إبرة كافٍ لوفاة فورية، واستخدموا هذا لتسميم رؤوس النبال.
والحمد لله أن الإنسان ليس ساماً، وإلا لما بقيت على الأرض حياة.