د.ثريا العريض
في الأسبوع الماضي وما قبله أسعدتنا أخبار تفوُّق بعض أبنائنا الطلبة والطالبات في آفاق تنافس طلابي عالمي مثل «إنتلسف». الحمد لله حصلت المملكة على 12جائزة لهذا العام في #intelISEF #IntelISEF2018, ونال المشاركون جوائز في مجالات عدة. ولا شك تستحق برامج العناية بالموهوبين الشكر والتقدير. ولكن التفوق ما زال على مستوى أفراد يتمتعون بقدرات فردية شخصية ولا يمكن تعميمه على ناتج التعليم ككل.
كاد أن ينتهى العام الدراسي فماذا كانت الحصيلة الكيفية خارج الأرقام عن أعداد الخريجين والخريجات في هذه المرحلة الدراسية أو تلك؟ يكاد كل المهتمين والمهتمات المتخصصين بشؤون التعليم وأوضاعه يتفقون على أن هناك جوانب متعددة غير مرضية ومقلقة: بدءا بالتصرفات والتعاملات أكاديميا واجتماعيا, ومرورا بالتحصيل المعرفي, وانتهاء بالتسيب العام غير المتوقع في الأوضاع الطبيعية ولن أقول المثالية. ومتابعة تغطيات تويتر, وبعض برنامج الراصد تلقي الضوء على ما يحدث. فخلال العام الدراسي الحالي وامتدادا لما سبق لوحظ تكرر الظواهر السلبية:
1- الاعتداء المتكرر من الطلاب الكبار على المدرسين.
2 - اعتداء بعض المدرسين على الطلاب الصغار.
3 - الاعتداء من بعض أولياء أمور الطلاب على طلاب آخرين أو على المدرسين.
4 - تخريب سيارات مدرسين أو مديرين.
بعد الامتحانات النهائية بالذات لوحظ تمزيق الكتب والتعدي على بعض سيارات المدرسين بل والاعتداء عليهم. كأننا في مدرسة المشاغبين الشهيرة. واضح أن العلاقة بين الطلبة ومدارسهم والطلبة ومعلميهم علاقة سلبية.
لا يمكن إلقاء اللوم على جهة واحدة الأسرة أو المعلم أو المجتمع أو أنظمة التعليم أو المنهج؛ في تعامل كل جهة منها قصور يسبب سلبية في محصلة النتائج النهائية. الأسرة تركت مهمة الإشراف واختيار المحتوى والأسلوب للمدرسة, والمعلم غالبا ليس معد مهنيا للتعامل التربوي ومواكبة المستجدات في مجاله المهني, كما أنه غالبا ليس راضيا نفسيا عن وضعه الاجتماعي والمادي. وغالبية الطلاب غير محفزين. وأشير هنا إلى الجنسين.
معاناة وزارة التعليم في إحداث نقلة نوعية, ومعالجة الأوضاع أكاديميا ومهنيا واضحة لكل متابع حيادي. ولكن اليد الواحدة لا تصفق حتى لو كانت يد الإدارة العليا التي تتخذ القرار وترسم الخطط الاستراتيجية. لابد من إقناع واقتناع كل الأطراف المعنية: المشرفين والمدرسين وأولياء الأمور والطلاب, وتعاونهم بتفهم وتقبل لضرورة تغيير المعادلة على أرض الواقع , وتصحيح التعامل القائم.
ما زالت أحوال مدارسنا ونتائجها متخلفة عما نأمل أن تكون. والمحتوى لا يناسب الزمن خاصة أن الإنترنت تحفل بالمثير والجاذب وكثير مما تقدمه لا يفلتر للضرر الممكن إحداثه للنشء.
والسؤال هو أين نبدأ؟ الخلل كبير لأن عدم التوازن مترسخ في مكونات المنهج بين النظرية والتطبيقية العملية, بالإضافة لعدم وجود برامج تدريبية تؤهل من يختار مهنة التعليم بالخلفية المهنية والمهارات المتخصصة, وتعدهم لمزاولة هذه الوظيفة بكفاءة مهنية. وهي حالة افتقاد لأساسيات ضرورية, ولأنها استمرت لعقود ترسخت فيها نواحي القصور متضخمة بتراكم التخلف عن المستجدات العلمية والمعرفية.
هذا الخلل يدل على مسببات تمس جميع الأطراف. فكيف نطور التعليم وأحوال مدارسنا؟