محمد سليمان العنقري
أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي «مبادئ التمويل المسؤول للأفراد» الذي ركزت فيه على دراسة أوضاع المستفيدين المحتملين من كافة أنواع التمويل بما يكفل الحفاظ على قوة وضعهم المالي لمواجهة تكاليف المعيشة وتحقيق الحماية للنظام المالي حالياً ومستقبلاً مع التوسع بالتمويل العقاري الذي يتوقع أن يتضاعف حجمه خلال العامين القادمين ليصل إلى حوالي 500 مليار ريال من حوالي 220 مليار ريال حالياً تشمل قروض الأفراد والشركات أي أن النمو سيكون كبيراً وجاءت المبادئ لتضبط السوق وتدعم مصلحة الاقتصاد الوطني.
من الواضح أن المؤسسة راعت مستوى الدخل للأفراد بشكل أساسي ووضعت شرائح الاستقطاع على هذا الأساس، حيث يصل الاستقطاع بحده الأعلى لمن دخلهم دون 15 ألف ريال إلى 55 % شاملة كافة أنواع التمويل التي يحصل عليها العميل ومن ضمنها التمويل العقاري أما الإقراض الاستهلاكي فبقي عند نسبه الحالية 33 % لمن هم على رأس العمل و25 % للمتقاعدين ومن كان دخله أعلى من 15 إلى 25 ألف ريال فتصل نسب الاستقطاع إلى 65 % بنفس ذات الشروط أي أن هذه المبادئ صممت لدعم التمويل العقاري بقصد تملك السكن للأفراد.
لكن الأهم يبقى الأبعاد الاقتصادية لوضع هذه المبادئ التي تسهم بدعم تملك السكن واستراتيجية الإسكان بالمملكة التي يعد التمويل أهم ركائزها بالإضافة لأنظمة التطوير العقاري لجذب الاستثمارات وتسهيل إيصال الخدمات وغيرها، إن رفع النسب للاستقطاع لهذه المستويات بما يخص التمويل العقاري لا يعني أن يصل العميل لهذه النسب «وليست دعوة للاقتراض إلا عند الضرورة وبالحد المناسب فقط لدخل العميل» لكنها تمثل السقف الأعلى بما يساعده على تملك السكن فأهمية نشاط تمويل العقار بقصد التملك له إيجابيات عديدة وكبيرة على الاقتصاد لأن المنتج العقاري السكني يخدم نمو قطاعات عديدة وتأثيره كبير بالاقتصاد إذ يستفيد منه قطاع التشييد ومواد البناء خصوصا المنتجة محليا الإسمنت والحديد وغيرها بالإضافة لخدمات هندسية ومالية وعشرات القطاعات الأخرى ويبقى أيضا داعماً لزيادة ثروة الأفراد بتملكهم لأصل أساسي ومهم لكل فرد وأسرة.
وبالمقارنة مع «القروض الاستهلاكية» لأي سبب كان مثل شراء سيارة أو أجهزة كهربائية أو إلكترونية التي رغم أهميتها لتيسير أمور الحياة لكن انعكاسها على الاقتصاد يبقى محدوداً فالسيارة مثلاً لا تصنع في المملكة ولا حتى قطع غيارها فالمستفيد الوكلاء والموزعون وخدمات الصيانة وكذلك الحال لباقي أغلب السلع الاستهلاكية، أما الرسوم الجمركية التي تتحصل منها أو ضريبة القيمة المضافة فهي لا تمثل فارقاً مهما قياسا بحجم العملة الصعبة التي تصدر للخارج لاستيراد السيارات وقطع غيارها وبقية السلع المستوردة بينما نشاط المنتج السكني إذا ارتفع حجمه فإن موارده من الرسوم والضرائب ستكون كبيرة جدا لكن الأهم يبقى بتأثيره في جذب الاستثمارات وارتفاع معدلات التوظيف الكبيرة التي يولدها هذا السوق الضخم والأساسي الذي يقاس من خلاله صحية أي اقتصاد بالعالم ويلعب دوراً كبيراً جداً في معدلات النمو الاقتصادي.
إن تملك المسكن يعد أولوية قصوى لكل فرد ويمثل التمويل الأساس الذي ينشط من خلاله سوق صناعة العقار ولذلك من المهم أن يتم التعامل مع شروط الإقراض العقاري بنمط مختلف وبما يلبي احتياجات كل الأطراف خصوصاً الأفراد ويحقق الحماية لسلامة النظام المالي مع أهمية التذكير بضرورة اطلاع كل فرد على تلك المبادئ وفهمها ومعرفة ماله وما عليه ودور كل طرف وآلية الإقراض ودور المستشار الائتماني الذي ورد ذكره بتلك المبادئ الذي مهمته أن يوضح لكل عميل وضعه الائتماني ويقدم له النصح والتوضيح بكل بنود العقد الذي سيكون ملزماً لكل الأطراف.