ناصر الصِرامي
قبل أن تصبح العدسة في متناول الجميع، وتصل الكاميرا إلى مستواها الحالي وتقنياتها، كان «صالح العزاز» من أوائل السعوديين المهتمين بالتصوير الفوتوغرافي، (الراحل) وثق للإنسان والصحراء وألوان الحياة وأبدع، بل ذهب أبعد للحظات تاريخية، ذلك كان في يوم غابت عنه كل كاميرات الدنيا، إلا مغامرات عدسته، وكانت تلك أول مظاهرة مدونة لسيدات سعوديات عام 1990، طالبن حينها مبكراً جداً، بما حققه لاحقاً بجرأة تاريخية مطلقة بعد ثلاثة عقود المجدد، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي ينفذ بدقة وبسرعة تاريخية انتقالية اليوم كل ما حلمنا به، كل أمله وطن متطلع للمستقبل، أمير يأخذنا للبقاء في تاريخ جديد، حيث يصنع استثنائيًا وبكل جرأة وحزم وصرامة أفقاً أوسع، يسابق كل تطلعاتنا وآمالنا، إنه أكثر الأمراء شهرة وتأثيراً في تاريخ المملكة السعودية.
نتذكر جيدًا تلك المتابعة الرصد للعدسة الجريئة جداً لـ»صالح العزاز»، لقيادة المرأة للسيارة في بلادنا، وحيث أبسط حقوقها لحرية التنقل والحركة الطبيعية.
المصور الحر وعين الصحفي الحادة لـ(صالح العزاز)، منحته حضوراً محلياً استثنائياً، كان تصويراً فيه مجال شك، ومنحتها ترحيباً دولياً بموهبة نالت بكل تقدير المركز الثاني في المسابقة العالمية لاتحاد المصورين العالمي في الصين عام 1997.
طبعاً سبقها وتبعها عدة مغامرات صحفية ومعارض تصوير شخصية، منها معرض بلا حدود، الذي أقيم أخيرًا عام 2001 سبق ذلك معرضه الذي اختار أن يكون في وسط الصحراء عام 1996.
في تجربة المرض كتب لجريدة «الشرق الأوسط»، التي ترأسها أكثر زملائه وأصدقائه على التوالي (عثمان العمير، وعبدالرحمن الراشد)، في تلك المقالات كان يود أن يقول كل شيء، ويقدم كل الرسائل التي يريد ايصالها قبل الرحيل.
43 عامًا، للشباب للذكرى للغياب، لكنها صنعت ذاكرة تميز وتفرد لا يمكن فقدانها، إنها الأبدية والخلود والتاريخ!
الكاميرا والصورة ثم الكلمة، مزيج للغته الأخيرة والباقية، كما في «الجنادرية الحدث».
ثم آخر الإبداع الذي وزعه لجزءين، مستحيل أزرق بثلاث لغات، عربية وإنجليزية وفرنسية. ومقطوعات شعرية، والتالي أو الأخير من المستحيل، كان لـ80 صورة بلغته النثرية الخاصة.
هناك المثير والكثير من التفاصيل عن «صالح العزاز» الإنسان.. وهناك تفاصيل الراحل الذي نقل بإبداع عبر قناة روتانا «الخليجية»، ونسقها ببراعة الزميل محمد الخميسي، الصحفي الاستقصائي الأميز عربياً في إخراج كنوز الماضي من «وينك» إلى رحلوا عنا و»الراحل»، ليصنع أرشيفاً مميزاً باقياً. في تلك الحلقة قدم لنا تفاصيل وفاء خاصة، من المتجدد عثمان العمير، والتقدمي سلطان البازعي، والمفكر ابراهيم البليهي، والفنان عثمان الخزيم، والكاتب خارج الصندوق محمد العصيمي.. والذاكرة بدر الخريف.. وشيخ التجار إبراهيم الطوق..!
«صالح العزاز» الحر تماماً، واجه معارضة كبيرة رغم تصالحه التام حتى مع مخالفيه ومن ترصدوا عداوته، لكن كلهم اليوم خارج الذاكرة.. في عمق النسيان..!
وبقى «صالح العزاز» سيرة متفردة.. عدسة للتميز.. وكاميرا وثقت الماضي.. سبقت الحاضر.. واستقرت في المستقبل، تفردًا وتميزًا أصيلاً بلا واسطة أو تكبر.. كما يكون الإنسان الواثق المبدع تماماً، والمستمتع في كل لحظاته وتجاربه.. بما فيها مواجهة الموت.. والرحيل الجميل.. والذكرى الباقية الملهمة لما بعده..!