عبد العزيز الصقعبي
حين تمت الموافقة على افتتاح دور عرض السينما في المملكة منذ أشهر، طالب عدد من الكتاب ومجموعة كبيرة من « المغردين» بترشيح روايات سعودية لتكون أفلاماً سينمائية، وقاموا بطرح عناوين روايات لكتاب من المملكة العربية السعودية، أغلبهم لا يعرف أن السينما صناعة تحتاج إلى نصوص خاصة فليس كل الروايات تصلح للسينما إلا ما يكتبه الروائي وعينه على تنفيذها كفيلم، وبالطبع هنالك مرحلة كتابة السيناريو التي بكل تأكيد مجموعة كبيرة من الروائيين وكتاب القصة لا يتقنونها تماماً.
يبدو لي أن وهج السينما أكبر من وهج المسلسلات الدرامية، حيث لم ألحظ أي مبادرة لتحويل رواية لكاتب سعودي إلى مسلسل، ربما كانت هنالك تجارب قديمة منها تحويل إحدى روايات الروائي الراحل حامد دمنهوري، ورواية للراحل عبد الله سعيد جمعان - رحمهما الله - ولو بحثنا في أرشيف التلفزيون السعودي ربما لن نجد هذين المسلسلين أو غيرهما، ربما مشروع غصب الجديد لا يفكر بما هو قديم، على الرغم من أن هنالك كثيرا من المسلسلات السعودية في أرشيف التلفزيون أفضل من كثير مما يعرض حالياً.
أعود إلى الرواية والقصة والدراما التلفزيونية، وأيضاً الإذاعية، وهنا تكون الإذاعة أفضل بمراحل لتقديمها بعض الرواية مثل تجربة الدكتور سلطان القحطاني وروايته سوق الحميدية، والأهم هو برنامجي قصص من الخليج الذي كان يذاع في إذاعة الرياض وأيضاً جدة وبرنامج «قصة من الأدب السعودي» والذي كان يعده الأستاذ محمد على قدس.
في هذا العام ومع بداية شهر رمضان، وكالعادة كان هنالك عدد من المسلسلات بأسماء غريبة، على نسق «طاش ما طاش»، بمعنى أن كل يوم حلقة مستقلة، تناقش قضية معينة، أو تقدم حكاية مسلية، سنوات طويلة ونحن نتابع نجومنا في التمثيل وهم يكررون شخصيات قد تجاوزها الأجيال الجديدة أو يطرحون «كركترات» قد تؤثر على النشء الجديد مثل المسلسل الذي أوقف العام الماضي، وبالطبع هذا لا يضيف مطلقاً للدراما في المملكة العربية السعودية.
وهنا أتساءل هل لدى هيئة الإذاعة والتلفزيون إدارة للدراما، هل فكرت بقراءة إبداع الرواد والاستفادة منها كأعمال درامية، سيرة الرائد الراحل عزيز ضياء «حياتي مع الجوع والحب والحرب» كمثال لو نفذت بمشاركة عدة شركات إنتاج كمشروع يمثل المملكة العربية السعودية، بكل تأكيد سيكون المسلسل الأهم في كل القنوات التلفزيونية العربية، وهنالك كثير من القصص والروايات الجيدة التي كتبت قبل الثمانينات الميلادية.
أتمنى من جميع نجوم الدراما في المملكة الذين أحترمهم ويهمني أن يقدموا أعمالا للتاريخ، وليس للحصول على ربح مادي وشغل مكان في برامج رمضان، أتمنى أن يبحثوا عن نصوص جيدة من خلال القراءة المكثفة للإبداع الروائي، وبالطبع لا يكون ذلك محصوراً على الإبداع في السعودية، بل هنالك أعمال روائية عظيمة بالإمكان سعودتها، وتنفيذها، والتاريخ الدرامي العربي حافل بمثل ذلك.
السينما والدراما التلفزيونية هي القوة الناعمة التي حتى الآن لم نستخدمها، هل شاهدتم التجربة الإيرانية والتركية، بكل تأكيد تابع الجميع المسلسلات التركية، نحن نتمنى أن نتجاوزهم، ولكن ليس بسلاح قديم معدل عن «طاش ما طاش»، هل نستطيع أن ننتج سلاحاً جديداً لقوتنا الناعمة.