قد يستغرب البعض من وجود بعض من يكرهوننا من عرب الشمال، وأقصد بذلك دول الهلال الخصيف، أي دول ما وراء حدود الوطن.
في البداية أجد أنني لا بد أن أنبه أن من أقصدهم ممن يُبدون لنا الكره هم بعض أهل تلك الدول، والبعض يعني أن الأغلب هم إخواننا، نبادلهم الشعور بالمحبة. وما أريد ذكره في هذه المقالة هو قصة وأسباب الكراهية التي غُذي بها عقول هؤلاء الفئة من عالمنا العربي، وأجدهم الأكثر شراسة بكرههم لنا من أي جنسيات أخرى.
عُرف عن عرب الشمال احتكاكهم بالثقافات الغربية بشكل عام، وانحيازهم الثقافي لهم، غير أن بوصلة الاقتصاد أرغمتهم على أن يتجهوا للجزيرة العربية حيث المملكة العربية السعودية.
ونظرًا لكونهم قد تواصلوا مع الأعراق الأخرى ثقافيًّا فقد انعكس ذلك بانسلاخهم من جذورهم العربية ثقافيًّا؛ وبالتالي العودة عليها بالنقد والبراءة منها.. وهذا أحد الأسباب التي جعلتهم ينظرون للجزيرة وأهلها نظرة تخلف ورجعية، يجدونها في أنفسهم، فينتقدونها هرباً منها.
وغير ذلك تميز المملكة وانفتاحها على الآخر بكل حب وود، الذي يصعب عليهم أن يمارسوه مع الآخر. وشواهد العصر كثيرة في طريقة تعاملهم مع بعض اللاجئين من جنسيات مجاورة لهم جغرافيًّا وثقافيًّا.. ولك عزيزي القارئ أن تكتب في محرك البحث قوقل ما يقارب لذلك، وستجد ما يذهلك، سواء من خطباء لجوامع مقدسة، يحمِّلون السعودية مسؤولية كل شيء يحدث في العالم، أو إعلاميين مرتزقة، يكيلون التهم والأكاذيب جهاراً نهاراً..
ومن الأسباب أيضاً تأثرهم بالاشتراكية التي عادت الدين، واعتقدت أنه رجعية وتخلف؛ وهذا ما جعل المتأثرين بها من هؤلاء يعتقدون أن الدين متمثل في المملكة العربية لوجود الحرمين الشريفين فيها؛ ومن هذا المنطلق كانت هذه أحد أسباب الكراهية.
أعلم يقيناً أن هذا الأمر لا يؤثر كثيراً في مساعي السعودية في التقدم، ولا يهتم كثيراً الفرد السعودي بمواجهة هؤلاء، ولكن ما يغضبني هو عدم فهم البعض من السعوديين لهذه الشخصيات الحاقدة والحاسدة، ويعتقد أن حديثهم مجرد عتب عابر من إخوة عرب. هكذا يفهمها السعودي البسيط بطبعه وطيبته.. والحل مع هؤلاء هو إلجامهم بقوة النظام، أو بقوة البيان، خاصة أن النظام يكفل لكل من سمع ازدراء للسعودية أن يتقدم ببلاغ عن تلك الواقعة، والشرع مطهرة للجميع.
التقيت أحد أمثلة هؤلاء في أحد الفنادق بالمصادفة، وكان يسكن في دبي، فقال لي «أعانكم الله على قيادة أهل الرياض للسيارات؛ لا يلتزمون بقواعد السلامة». فعرفت أنه من «الشلة» الذين أعرفهم جيدًا؛ فقلت له بلهجتي العامية، وبكل قسوة: «في كل بلد حديقة وحاوية، فالفراشات ترى الحديقة، أما الذباب فلا يرى إلا مرتعه بالحاوية!».
أخيرًا: قد يقول البعض إنني أُبالغ في ذلك، وإن الحب والكره صفة بشرية، ولدى كل الشعوب.. وأقول: نعم؛ هذا صحيح، ولكن بمقياس النسبة والتناسب فقد أظهر هؤلاء قدرًا كبيرًا من الكره؛ ووجب بيانه، ولزملائي الكتّاب مقالات تشير لكل لذلك.
غير أنني لا أنسى أخيرًا أن البعض الآخر من «أهلنا» بالشمال حتى تصل إلى الحدود التركية هم أحبتنا، ومنهم من حصل على الجنسية السعودية، وخدم وطنه بكل حب، وبيننا إخوة أعزاء يعملون، وزملاء، لم ولن نجد منهم إلا الحب والصدق والوضوح.. كما لا نريد أن يفارقونا لحظة، ونبادلهم شعور المحبة بكل صدق.
** **
- خليل الذيابي