فيصل خالد الخديدي
تُعتبر المؤسسات الثقافية بيوت خبرة متى ما كانت تحمل بين جنباتها أفرادًا أصحاب خبرة متراكمة ودراسة متخصصة ومهارة عالية في صناعة محتوى وتنظيم جنس أو أكثر من الفعاليات الثقافية والفنية بأقل جهد ووقت وأكثر جودة واحترافية بخطط واضحة وعمل منهجي, وتعمل بمبدأ الشراكة مع الجهات المستفيدة، وتهدف إلى استثمار خبرات أفرادها في تلبية متطلبات الجهات المستفيدة في المجالات التي ترعاها بجودة عالية، والتزام بالقواعد والأسس الصحيحة للعمل المطلوب، وفي الوقت ذاته تحفظ حقوق منسوبيها والمنتمين إليها، سواء الأدبية أم المادية.
وفي واقع المؤسسات الثقافية المحلية تتباين مستويات تحقيقها لأن تكون بيوت خبرة، وإن كانت في معظمها أصبحت بيوت خبرة إلا أن البعض منها لم يستطع ذلك لأسباب عدة، منها ضعف إيمان المؤسسة والقائمين عليها بدورها الحقيقي، وغياب العمل المؤسسي الذي من المفترض استمراريته وإن تغيرت قيادات هذه المؤسسات.. وعدم التطور من أفراد المؤسسة ومواكبة الجديد في المجالات التي تهتم بها يُعد من المعطلات للمؤسسة في أن تكون بيت خبرة، وأن تكون بيئة العمل طاردة وغير جاذبة للقدرات والطاقات البشرية المتميزة. كما أن عدم توافر الأمان الوظيفي لأفراد المؤسسة الثقافية لا يحقق لها الاستقرار وديمومتها كبيت خبرة, وأيضًا ضعف إيمان المجتمع المحيط بالمؤسسة من مؤسسات ومسؤولين بأهمية التخصص والخبرة والتعامل مع المؤسسة الثقافية على أنها بيت خبرة يحبط القائمين على المؤسسة ومنسوبيها، ويكون مدعاة للتسرب منها، والبحث عن البديل ولو كان أقل جودة.
إن إيمان وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للثقافة بمؤسساتها وأذرعها التنفيذية، وتكليفها بتنفيذ الفعاليات والأنشطة والبرامج الثقافية والفنية، يعد دعمًا كبيرًا لها، وخطوة على المسار الصحيح لتعزيز المؤسسات الثقافية ودورها، وإبراز طاقاتها الكامنة ومواهبها المستترة.. وهو تحدٍّ كبير للمؤسسات الثقافية المحلية في إثبات أنها قادرة على أن تكون بيوت خبرة محلية منافسة، تعمل وفق منظومة متطورة متطلعة لمستقبل ثقافي واعٍ متجدد، تلامس احتياج المثقف والفنان، وتقدمه بما يليق للمجتمع، وبما يتناسب مع ذائقة وطبيعة رسالتها الثقافية والتنويرية.. فالفن والثقافة قادرات على التغيير والتطوير وإعادة تشكيل المجتمعات؛ لتكون على قدر التحدي والمنافسة وصناعة المستقبل.