محمد المنيف
اقتناء الأعمال الفنية اللوحات أو قطع النحت أو غيرها من الإبداعات التي ينتجها الفنانون التشكيليون لا يجيدها إلا متخصصون في تجارة الفنون فهم يقتنصون الأعمال التي يمكن اقتناؤها وتسويقها وهؤلاء في العادة من أصحاب المتاحف أو مباشرة بين الفنان وبينهم..
فهؤلاء لديهم طرق كثيرة وأساليب تمكنهم من لعبة (الربح والتربيح) واضعين جانب الربح في أولوياتهم عند اقتنائهم للأعمال الفنية بمعرفتهم القيمة الربحية على حساب التربيح (ربح الفنان) الذي يتم بينهم وبينه، حيث إن لعبة الاقتناء تتم بناء على خط سير يبدأ من تجار الفنون، ومن مديري المتاحف، بالتعامل من خلال السماسرة غير المعروفين عند الفنانين وقد يكون بعضهم من (الفنانين أنفسهم) ما يمنحهم الفرصة لاقتناء الأعمال بسعر مناسب يستغلون به حاجة الفنان وقبول أقل قيمة.
هذه الأضلاع الثلاثة (تجار اللوحات والسماسرة والفنان) لا يمكن فصلهم عن بعض أو وضع شروط للتحكم في حقوق كل منهم فالتاجر يبحث عن الربح، والفنان يبحث عما يسدد ديونه أو تغطية تكاليف أعماله الفنية، من خامات ومكان عرض، وقد يقع كثير من الفنانين في مصيدة تجار الأعمال الفنية، وهو أمر مشاع عالميا بأن يستغل الفنان حصرياً لمؤسسة لها مكانتها وثقة زبائنهم فيها، والمؤسف أن ما يتم بين تلك الأضلاع لا يبنى على آلية ترتقي بالفن التشكيلي وتقدمه بالمستوى الذي يحقق له الحضور الزمني كإرث حضاري يستحق الدقة في الاختيار، يدفع بالاهتمام بالقيمة الفنية والتاريخية للعمل أو للفنان، ما يضمن للمقتني أصالة العمل واستدامة وارتفاع قيمته الفنية كل ما مر به الزمن كونه ثروة يمكن الدخول بها في مزادات كما شاهدنا من بيع أعمال من مقتنيات المهندس محمد فارسي بملايين الدولارات في مزاد كريستيز العالمي.
دقة الاختيار التي يمكن الإشارة اليها التي يقوم بها بعض الصالات أو المزادات لا تتم إلا بوجود أطراف أخرى لا تقل أهمية من السمسار وهم أصحاب الخبرات الطويلة في معرفة تاريخ وخبرات الفنانين في بلدانهم فهؤلاء لديهم فراسة في معرفة ما يمكن أن يحققه هذا العمل لذاك الفنان، وما يمكن أن يتسبب فيه عمل لفنان آخر أقل خبرة وقيمة فنية وتاريخية.