د.أحمد بن عبدالله بن حمد السناني
في عام 1407 هجرية كتبتُ خطاباً لرئيس بلدية عنيزة عبدالله البسام كمواطن متخصص بصحة وحماية البيئة، أبلغه عن نتائج تحليل عينات من المياه الواصلة إلى ثلاثة منازل في حي الفيحاء في مدينة عنيزة قبل وصولها للخزانات (منزل عبدالله السناني ومنزل إبراهيم المطلق ومنزل الشيخ عبدالله السليم رحمهم الله والأخير عم أمير عنيزة في ذلك الوقت محمد الحمد السليم «أبو سليم» حفظه الله)، وتم التحليل في مختبرات الإدارة العامة لصحة البيئة بوزارة الشؤون البلدية بالرياض حيث أكدت التحاليل تلوث المياه جرثوميًا وكيميائيًا وأنها غير صالحة للشرب، وتم التحليل بإشراف الأستاذ محمد العيسى مدير عام صحة البيئة ونائبه أحمد النعيم في حينه.. ولم تتخذ الوزارة إجراء رسميًا حول نتائج التحليل بحجة أنني أعمل في وزارة أخرى، ولذلك كتبت إلى رئيس بلدية عنيزة.
• (ثم نشرتُ مقال موجهًا إلى مدير عام مصلحة المياه والصرف الصحي في منطقة القصيم في جريدة الرياض في 13-6-1407 حول تلوث مياه حي الفيحاء بعنيزة خاصة وأحياء عنيزة والقصيم عامة، وكتبتً فيه نتائج التحليل المذكور وكان عنوان المقال (الأولوية للمجاري لمنع تلوث مياه الآبار في منطقة القصيم)، والعنوان يلخص محتوى المقال.
ورد عليه الأستاذ صالح البلاع مدير عام مصلحة المياه والمجاري في منطقة القصيم في ذلك الحين بنفس الجريدة بتاريخ 25-7-1407 واعترف فيه بمشكلة آبار المياه داخل الأحياء ووعد بإنهائها خلال سنتين وأنهم عملوا برامج تحاليل شاملة لآبار المياه بالمنطقة وتعقيم المياه بالكلور، وأكد أهمية تنظيف الخزانات كل 6 أشهر من المخلفات ضمانًا لنظافتها، ولم يذكر وربما لا يعلم أن السبب الرئيس للتلوث هو اختلاط مياه الصرف الصحي في البيارات مع مياه الشرب في الآبار وفي الخزانات المنزلية، ولم يذكر شيئًا عن أي مشاريع مستقبلية لشبكات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي. وهذا هو الحل المطلوب والجذري للمشكلة وأرسل مشكورًا في يوم نشر مقالي فريق صيانة إلى البئر التي تبعد 40 مترًا عن بيت الوالد بالفيحاء و10 أمتار عن أقرب بيت وتم تغيير أنابيب البئر القديمة وتم تنظيف وصيانة الموقع)...
• قدر الله أن يمرض والدي - رحمه الله- بسرطان الجهاز الهضمي بعد نشر الموضوع بأشهر قليلة وتوفي في يوم الجمعة 21 من شهر المحرم 1409 بعد سنة واحدة من تشخيص المرض، حيث تم ترقيده في تخصصي بريدة ثم المستشفى العسكري بالرياض وأجريت له هناك عمليات جراحية للاستئصال وخضع لعلاج كيماوي على مدى عدة أشهر لم يستفد منه وعانى من الآلام كثيرًا...
وأجزم بأنه كان ضحية للمياه الملوثة والله أعلم في 11 محرم 1417 أي بعد عشر سنوات من نشر مقالي الأول ووعد مصلحة المياه الصرف الصحي نشرت جريدة الجزيرة تحقيقًا بقلم الأخ أحمد المحبوب بعنوان (تحاليل مختبر مصلحة المياه بالقصيم تؤكد: مياه مدارس عنيزة ملوثة وغير صالحة كيميائيًا للشرب). وذكر أن 11 عينة مياه مدارس ملوثة كيميائيًا و7 منها ملوثة جرثوميًا أيضًا وغير صالحة للشرب، وأحد هذه مياه مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية بحي الفيحاء وهي التي درس بها أخي الأصغر رائد سنوات وتبعد أقل من 300 متر عن منزل الوالد رحمه الله.
• كتبت مقالاً علميًا مفصلاً تعليقًا على التحقيق أعلاه بعنوان ((مصالح المياه والصرف الصحي: مطلوب حماية شبكات المياه من التلوث)) في جريدة الجزيرة في 10 ربيع أول 1417 أشرت فيه إلى مقالي السابق المنشور قبل 10 عشر سنوات والوعد الرسمي بإنهاء المشكلة خلال سنتين، وقلت إن أهم خطوة يجب أن تتخذ هي سرعة إيصال شبكة الصرف الصحي إلى جميع الأحياء في مدن وقرى المملكة.
• وناشدت فيه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز رئيس اللجنة الوزارية للبيئة في حينه التوجيه بدراسة شاملة لتلوث مياه الشرب في مدن المملكة بمياه الصرف الصحي ومصادر التلوث الأخرى، وطالبت بتنفيذ مشاريع شبكات ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي في كل مدن ومحافظات المملكة وإعطاء ذلك أولوية عاجلة حماية لصحة الإنسان والبيئة والبنية التحتية للمدن نشرت جريدة الجزيرة في 15-5-1417 ردًا من إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون البلدية والقروية المرتبطة بها مصالح المياه والصرف الصحي في ذلك الوقت ولم يكن فيه معلومات وأرقام عن دراسات جودة المياه ومشاريع شبكات ومحطات معالجة الصرف الصحي.
• نشرت مقال بعنوان ((اقتراحات لحل بعض مشكلات النفايات الصلبة والسائلة في مدن المملكة)) في زاويتي البيئة والمجتمع بجريدة الجزيرة في عدد 1 محرم 1418 أكدت فيه أهمية إعطاء أولوية قصوى لدراسة وإقرار مشاريع محطات وشبكات الصرف الصحي «وتصريف مياه الأمطار» لأن ذلك ضروري لحل عدد من المشكلات البيئية والصحية والعمرانية التي تسبب حاليًا ومستقبلاً الكثير من الأضرار والتكاليف والأمراض تزيد كثيرًا عن مكتسبات الاقتصاد الوطني وخطط التنمية.
• نشرت الجزيرة ردًا طويلاً من وزارة الشؤون البلدية والقروية بتاريخ 20-3-1418 وكان عرضًا إنشائيًا لنشاطات الوزارة لا يحتوي على إحصاءات أو أرقام أو مشاريع محددة، ولكنه ذكر أن وكالة الوزارة للشؤون الفنية قامت بإعداد الإستراتيجية الوطنية للصرف الصحي... إلخ.
نحن في عام 1439 للهجرة وبالرغم من إنشاء وزارة للمياه منذ عام 1422 وتخصيص الدولة الكريمة مليارات لمشاريع المياه والصرف الصحي-وقد كنت أيضًا أول من رفع عام 1417 اقتراحًا لدمج الأجهزة المختصة بالمياه والصرف الصحي في وزارة واحدة إلى مجلس الشورى وإلى كبار المسؤولين- إلا أنه ما زالت مياه البالوعات تلوث مياه الشرب وتطفح المجاري في بعض أحياء مدن المملكة، وما زالت تنقل مياه البالوعات بالصهاريج وتصب في الأودية الجميلة مثل وادي حنيفة ووادي الرمة وفي حفر وبحيرات منتنة داخل وحول المدن وفي الشواطئ التي كانت نظيفة وجميلة وأصبحت بسبب الفساد وفشل الإدارة البيئية من أكثر مدن وشواطئ العالم تلوثًا بحسب تقارير دولية وأسماكها غير صالحة لاستهلاك الإنسان وأصبحت جدة عجوزًا بدلاً من عروس للبحر الأحمر يقول الممثل السدحان في «طاش ما طاش».
ردد معي ما أطولك يا ليل
والله أعلم وأكرم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وللمقال بقية...