خالد الربيعان
الراعي من أهم الأشياء في عالم الرياضة، النادي أو الكيان الرياضي عندما يرعاه أحد فهو يستفيد مالياً وإعلامياً، وتحدث له نقلة أخرى في مسيرته، فتشيلسي قبل سامسونج شيء وبعده شيء، آرسنال قبل طيران الإمارات شيء وبعده شيء، الفارق يُقاس بمئات الملايين من الأموال ومئات الأخبار وتسويق النادي إعلامياً، وأنا أرى أن هذا العام إذا كان شهد أكبر عقد رعاية في تاريخ الشرق الأوسط وهو عقد رعاية STC للبث التلفزيوني لبطولات كرة القدم السعودية بـ6.6 مليار ريال: فإن هناك عقد رعاية تاريخي من نوع آخر.. عقد رعاية ملكي!
مليار وثلث المليار ريال تقريباً حجم الدعم، وهو دعم ملكي من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بمثابة عقد رعاية ودعم تاريخي، بقيمة معنوية غير مسبوقة، وقيمة مالية للدعم تاريخية أيضاً، وخلصْت بعد المتابعة إلى أن هذا له أكثر من مدلول:
الأول: أن القطاع الرياضي الفترة الأخيرة أصبح يُنظر له من قِبَل القيادة السياسية على أنه جزء من أجزاء الاقتصاد السعودي، وترس من تروس الآلة العملاقة التي بها تتم رؤية التحول الاقتصادي الوطني وتنويع مصادر الدخل.
الثاني: أن الرياضة السعودية نفسها في الفترة الأخيرة بمشاكلها العميقة والمستعصية على الحلول التقليدية، قد وصل صوتها عالياً! الأمر الذي يلفت أولى الأمر: ماذا هناك؟ على ماذا هذا اللغط، هناك شيء خاطئ، وهو إن دلّ على شيء فإنه يدل على عدم استطاعة الكثير من الوجوه السابقة التي كانت في أيديها مقدرات العملية الرياضية: الوصول إلى آلية سليمة لتسيير الأمور!
الثالث: أن الاهتمام الكبير جداً من القيادة السياسية بهذا الأمر يدل على «طلب غير منطوق» من القيادة السياسية، طلب يضطر أطراف العملية الرياضية كلهم الآن من أول الرؤساء الجدد للأندية وحتى لاعبي المنتخب السعودي في المونديال: لعمل بعض الإنجازات وبعض النتائج الحسنة، التي تلغي ما سبق من تخبط وعشوائية، وتفتح صفحة جديدة في التاريخ الرياضي الخاص بالمملكة العربية السعودية.
الرابع: الحكمة.. ثم الحكمة.. الحكمة هي فعل الأمر المناسب، في الوقت المناسب، في المكان المناسب، وجود ديون تعدت المليار ريال هي ديون تاريخية.. من جانب سلبي! 20 % من قضايا «الفيفا» هي قضايا على أندية سعودية، شيء سلبي، أمور يترتب عليها الإضرار بالسمعة والمكانة الخاصة بالمملكة ككل أولاً، والرياضة السعودية ثانياً، والتدخل العاجل بمبضع جراحي فائق الحساسية، وفي هذا التوقيت بدون انتظار: هو التصرف الحكيم الذي رأيناه جميعاً ينقل هذه النقلة التي عبّر عنها المستشار تركي آل الشيخ: بأن الرياضة السعودية قبل الجلسة مع ولي العهد شيء، وبعدها شيء آخر!
الخامس: والأخير أن ما حدث يثبت شيء مهم: أنه لا يصح إلا الصحيح، وأن بعض الحزم واجب، وأن هناك رجالاً لكل شيء، وليس أي رجل في أي مكان حساس فهو يقدر على ملئه! بل إن لكل مهمة رجالها، والتغيير له رجاله، وأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ومعالي المستشار تركي آل الشيخ، والمهندس عادل عزت، وغيرهم مع حفظ جميع المقامات: هم أسماء تسطّر الآن تاريخ الرياضة السعودية بالفعل، جولة قصيرة في منصات الأخبار ووكالات الأنباء العالمية عن ثورة الإصلاح الرياضي الأخيرة ستؤكّد لك ذلك.. بكل قوة!
صحوة!
اليد الواحدة لا تصفق، والتحرك والهمة والإرادة غير أنها أمور شاقة، إلا أنها أيضاً «مُعْدِيَة»، وتكاد ترى هذه الهمة وإرادة التغيير انتقلت لكوادر أخرى، تقرأ الآن عن غربلة في الأندية تشمل الهياكل الإدارية والتنظيمية، الإدارات الفنية، الطواقم الطبية، قوائم اللاعبين، حتى على مستويات أخرى كالإعلام الرياضي وإستراتيجيات البث التليفزيوني، وكل هذا مبشّر جداً.