مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم ومع زيادة عالم التطبيقات الذي أصبح البعض منها يسمح لبعض هؤلاء المعرفين أن ينتقدوا بدون أسس صحيحة للنقد أو تفريغاً لمشكلة قد يعانونها أو موقفًا أثار انفعالهم ليصب البعض منهم جام غضبه عليك لأنك المتنفس الموجود أمامه سواءً كان على معرفةٍ بك أو لا والبعض الآخر قد يكون على علاقةٍ مضطربةٍ بك فيجد من هذا المنفذ طريقاً إليك لينتقم بكلماته دون أن تعرف هويته فيصبح الطريق متاحاً له أكثر في نقدك بشيء هو موجودٌ بك أو لا على عكس ذلك لو كان الطريق المتاحة له معك بشكل مباشر فقط، فكثيرٌ ممن يستخدمون هذه المواقع يريدون مديحاً وثناءً يشبع نرجسيتهم السوية لأن الإنسان بطبعه له سمات نرجسية سويةٌ محمودة كالمديح، الطموح، تحقيق الأهداف وغيرها، ولكن هل هؤلاء لديهم الاستعداد الكامل لاستقبال النقد؟ فبعض النقد قد لا يصل بك إلى سلوكيات كارثية ولكن يكفيه أن يعكر صفو يومك بسبب ما قاله لك.
أما لو تحدثنا عن النقد السلبي للعامة فهو مؤذٍ وللمراهقين ولمن هم دون سن النضج خاصةً مؤذٍ جداً لأن في هذه المرحلة تتشكل الهوية التي تساعدها في تنميتها أو تدهورها العديد من الجوانب (الجانب الأسري، المدرسة، المجتمع، الحالة الاقتصادية وغيرها). والنقد السلبي يعتمد على حسب المتلقي بسماته المختلفة فلو كان حساساً سوف يفاقم الموضوع ولو كان مثاليًا لن يرضى إلا بالكمال ولو على كان حساب نفسه، وهذا قد يجعله شخصاً منعزلاً لأنه لا يستطيع الرد أو حتى لو استطاع الرد يبقى في ذهنه هذا النقد لا يكاد ينطفئ. أما لو بحثنا عن سبب تحريض البعض للبعض الآخر على الانتحار فقد يكون هذا الشخص مستهدفاً لسن معينة أو دولة معينة وقد يكون يعاني من ضغوطات ويبدأ بتحريض الآخرين على الانتحار أو حتى ربما يمارس تنمره عليهم وقد يكون مجرد كلمة قالها دون قصد ولم يعرف أثرها على المتلقي وقد يكون يعاني من ترسبات سابقة وأصبحت حافزاً له هذه الكلمة في أن ينتحر وقد يكون شخصاً من أسرته جرب الانتحار وكان قدوة له وقد تكون الشخصية التي انتحرت هي شخصية حدية فكثيرٌ من هذه الشخصيات تعلن الانتحار علنياً وفعلاً منهم ينتحر وبعضهم يريد الانتقام من دولةٍ معينة أو سنٍ محددة فيبعث بتلك الرسائل السلبية لهم سواءً كانت بتحريضات أو مجرد كلماتٍ تؤذي متلقيها.
أما قابلية المراهق في الانتحار أكثر من أي سن آخر فبوجهة نظري الشخصية نعم فالمراهقون أو من هم في سن التكليف هم أكثر الفئات العمرية التي لديها أفكارٌ انتحارية لأنهم في فترة تشكيل الهوية التي تعتمد بطبيعة الحال على العديد من الأمور ونراهم على سبيل المثال في المنظمات الإرهابية تستهدف هذه الفئة أكثر لأنها لم تنضج بعد أو تجده تحدياً يراهن على نجاحها فيه فلا تعرف أثره السلبي وخطورته إلا بعد الوقوع فيه. ولا ننسى هنا دور الأسر، المدارس، القنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي والدور الكبير الذي تصنعه وخاصةً مواقع التواصل الاجتماعي في أنها ساعدت على ظهور العديد من الاضطرابات النفسية والسلوكية.
فمن الأدوار التي تقع على عاتقهم هذه المؤسسات المجتمعية وأولها الأسرة والمدرسة:
1- زيادة الوازع الديني وتنمية الرقابة الذاتية لديهم.
2- زراعة القيم والمبادئ منذ مرحلة الطفولة ومتابعته فهناك ما يسمى بالفراغ الوجودي الذي تحدث عنه فرانكل في نظريته فهي حالةٌ يفقد فيها الإنسان معنى الحياة وفقدان لقيمة الروح نفسها والحياة تكون بدون ألوانٍ عنده ويفقد المتعة بكل شيء والآخرون عنده ليس لهم أي قيمة ويكونون على هامش الوجود وفي هامش الوعي وهذا يجعله يشع بإحساس قوي جداً بالوحدة واللا معنى واللا جدوى واللا قيمة ويصبح الانتحار عنده إحدى أهم الخيارات المتاحة أمامه.
3- الإيحاء المقدم من الآباء للأبناء أو من الأصدقاء لبعضهم كعبارة (الواحد ليش يعيش؟ الأسعار بترتفع وبنعيش على خط الفقر أو حتى البعض منهم يذكرها على سبيل المداعبة (قوم انتحر) هذه الكلمات وغيرها تبرمج في العقل الباطن ويبدأ يسلم بها العقل الواعي كأمر طبيعي مسَّلَّمٌ به فيبدأ بانتهاك محرمات الدين وكأنها أمر طبيعي.
4- بعض الأسر تلعب دور المتفرج وكلٌ يعتمد على الآخر في التربية.
5- غياب المناقشة بين الآباء والأبناء وبين المؤسسات المجتمعية عموماً في كثيرٍ من الأوقات وغياب الملاحظات المبدئية على سلوكياته.
6- الرأي عند بعض الأبناء مسلوب وإعطائهم الفرصة في التمييز بين الصح والخطأ فيظهر لهذا المراهق أو غيره شخص يتحداه!! ماذا سيفعل البعض يقبل التحدي حتى لو كان على خطأ ليثبت رجولته مثلاً.
7- إعطاء اهتمامات أكبر للماديات والزيارات على حساب التواجد مع الأبناء.
8- تفعيل القناعة والرضا في نفوس الأبناء.
** **
- مرشدة نفسية ومدربة التنمية البشرية