شريفة الشملان
شاهد الاغلبية واستمتعوا بالعرس الملكي وكأنهم يدخلون في قصة حب كبيرة ليس عبر السينما ولكن عبر شاشات التلفزة وهي تنقل لهم العرس الملكي، حب تخطى الديار والعمر والطلاق والعنصرية وتقفز تلك السيدة المختلطة الأعراق لتحط كنة للملكة إليزابيث في القصر الضارب الجذور في العقل البريطاني وثقافته من ثم في العالم، وكيف مجرد تغيير الحرس الملكي يستهوي الكثير من السياح للمملكة المتحدة، هذه الكنة مزيج القارات ومن ثم يمكن مع احتمال أن تصبح ذات يوم ملكة، منحتها الملكة لقب دوقة..
كان الانبهار كبيرا في مراسيم الزواج وفي تقاليد الأسرة المالكة تلك الأسرة التي جعلت ذات يوم لا تغرب الشمس عن مستعمراتها وترج العالم رجا من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه. وتلف الدينا لفها ويجمع الحب قلبين فيقفز ابنها ليصاهر أمريكا وإفريقيا فيمتزج الدم الملكي مع من كانوا من مستعمراتها وما كان الإنجليز ينظرون لهم إلا كنظرة السيد لعبيده وربما أصغر من ذلك.
كانت أمريكا البعيدة جدا قبل أكثر من ثلاثة قرون مستعمرة بريطانية، تُرحل لها المجرمين والمغضوب عليهم، ومن يخالفونهم بالمذهب قد يغادرون طوعا أو كرها، في حرب الشاي التي انتهت باستقلال أمريكا عام 1776، تحررت أمريكا من بريطانيا وكبرت وتضخمت ومر التاريخ لتكن بريطانيا صدى دائما لأمريكا.
السود أخوال العروس مروا بأسوأ ما يمر به بشر حتى علا صوتهم في خمسينات وستينات القرن الماضي للمطالبة بالمساواة، يعلو صوت مارثن لوثر كنج، المعلم والمثقف والراهب ويدور معها السود دورتهم الكبرى للمطالبة بالمساواة، ومما أذكره من حكم (كنج) قوله (لن يستطيع أحدا ركب ظهرك مالم تنحي).. ظهرت السيدة المناضلة (روزا باركس) للمطالبة بالمساواة بعد أن رفضت القيام من كرسيها ليجلس الأبيض، ويطلب لها السائق الشرطة وتسجن، ويموج الغضب لها فيتظاهر السود ومن يناصرهم من البيض.
وتدور الدنيا ويصير لهؤلاء البشر السود قادة ويحتلون مناصب كبيرة بفضل كفاح من سبقهم، ويصل أسود لمنصب رئيس الجمهورية (أوباما) أمريكا التي تحررت من بريطانيا، ودائما يأخذ المظلوم من أخلاق ظالمه فعرفت أمريكا القتل وسفك الدماء منذ دخول الأجداد الأوائل حيث تمت إبادة كبيرة لسكان أمريكا الأصليين، أما عن استعباد أفريقيا وجلب البشر كعبيد ليس إلا أنهم سود البشرة وفيلم (الجذور) استمطر عيوننا بكاء وخرق قلوبنا على ما كان يجري آن ذاك.
والدنيا تدور أحفاد المجرمين والأوغاد صار لهم دولة وكيان وبدأوا بالامتزاج، دارت الأيام واتت حفيدة رجل أفريقي اسود لتحط في القلعة البريطانية الشهيرة وتكون نسيبة الملكة، أبنتها من رجل أبيض تقبلها الملكة إليزابيث كنة لها، أمير حبها السادس على الحكم ليكن ملكا فتكن ملكة.
لا نقنط فإن الدنيا دوارة.
(وتلك الأيام نداولها بين الناس)
وأخيرا قبل أن أختم مقالي أقر بذكاء التجار الإنجليز بتسويق مناسبة الزواج الملكي وزيادة إقبال السياح للمشاركة وهم يستغلون كل حدث مهما صغر لكسب النقود فازدهرت تجارة الإعلام والأكواب وكثير من الأشياء التذكارية لتباع بأسعار لا نقول إنها غالية ولكنها تدخل مبالغ خيالية لخزينة التجار والرسامين ومن ثم يدور الاقتصاد البريطاني من خلال ذلك دورة ليست بالقليلة وهكذا يكون زواج ملكي وعمار الديار..
وأخيرا أعجبني تعليق أحدهن حين كتبت وقد وضعت صورة والدة العروس (بس نعرف أيش الدعاء الذي دعته لأبنتها فطارت بالأمير) وواحدة أخرى لن أكتبها.