محمد بن عبدالله آل شملان
في قصر الحكم بمدينة الرياض يجد الإنسان نفسه وهو يستعيد بكثير من الشغف والبهجة تلك الأيام البعيدة التي مشت فيها صائغة التاريخ ومعطيات الحضارة والتطور والتفوّق وشكَّلتها بامتياز، وبكثير من الدهشة والإعجاب لما يوجد في هذا القصر من المعالم المتراكمة والرموز الثرية المرصوصة أمام عينيه، دهشة لا يعرف من أين خرجت وكيف انبثقت من داخله، دهشته هو كابن لهذا الوطن يُضاف إلى جموع أبناء الوطن الكثيرين في مناطقه ومحافظاته وقراه وهجره، الذين يتذكّرون هذا الجزء من تاريخ وطنهم الذي أسسه بإتقان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله - وتلبَّس ثوب العدل والمساواة التي ينشدها هذا الوطن وقيادته الرشيدة.
ولأننا نفخر مذ كنا أطفالاً صغاراً بالدولة السعودية حتى ما وصلت إليه في عصور أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - فإننا نتحدث بالصدق كثيراً وبالوفاء أكثر، وكما يتحدث غير أبناء هذا الوطن، المعجبون بهذه الدولة الفريدة، حول كريم عطائها ونمائها وثمارها ونتائج رفاهيتها واستقرارها ومباهج ازدهارها على المستويات كافة.
نصف ساعة مشهد بثه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض أمامي أثناء تلبيتي شرف الاستدعاء الفخم من سموه الكريم بعد اطلاع سموه على كتابي «فيصل بن بندر.. من أحاديث ثلاثة أعوام» الذي قمت بتأليفه، أوصلتْ رسالة، وجسّدت معنىً مثالياً، فرؤيته وهو يستقبل المواطنين في مجلس العام للإمارة كانت كافية لاختزال كل مساحات مضامين العلاقة وتكريس لهوية الارتباط بين القيادة والشعب بكل ما تعنيه هذه الكلمة، من دلالات سياسية واجتماعية وثقافية، ومعايير عليا على مستوى التلاحم والترابط، صورته وهو يلوح بقلمه بالشرح والتوجيه لمكاتبات المواطنين مشهد يبهج فيه المواطن برغبة الإنجاز ورسم ملامح الفرح القادم بتحقيق المنال، ولا شيء يجعل سموه يتحدث أثناء استقباله لي في مكتبه الخاص بتلك المشاعر المتدفقة بعد اطلاعه على كتابي «كونه لم يعمل شيئاً في المنطقة يستحقه كل هذا السرد» إلا إذا كان متيقناً من أن أعماله هي من باب الواجب عليه التي يقوم بها خدمة لدينه ثم مليكه ووطنه. وأتذكر كلمة سموه في إحدى المناسبات: «فلنفخر جميعاً بوطننا ولنسعد وننعم باستقرارنا ولنواصل المسيرة لننجز أعمالنا إرضاءً لله سبحانه وتعالى وإبراءً لذمة ولي الأمر، حفظ الله الوطن وحفظ الملك وولي العهد».
كانت «الرياض» المدينة والمنطقة وما زالت مختلفة، أزمنة طويلة من التراكم الإيجابي أسهم فيها أمراء ونواب، وهي المسيرة التي ما زالت تعطي تحقيق الآمال والإنجازات والتطور التنموي والاقتصادي والاجتماعي.
عندما أتحدث عن سمو أمير منطقة الرياض، فإنني أسرد واقعاً لمسته، وقد وقف متابعوه والقريبون منه دوماً أمام التحدي الأكبر، بأن يكون قائداً من حيث المعايير المرصودة في هذا المجال، وفي الوقت ذاته يخوض معركة التطوير التقني القائمة على التسهيل والإنجاز، ويفوز بالصدق والنزاهة، وتقترن أقواله بأفعاله البعيدة عن دويّ الطبول وبريق الأضواء التي لا يروقها ولا يستطيبها.
فيصل بن بندر أمير قلبه ينبض بالاحتفاء بكل ما هو مشرق في منطقته، تعلّم ذلك من قيادته الرائدة - أعزها الله - وهي التي لا تجعل أي سلبية فوق مساحتها الحقيقية، ولا تنشر السوداوية، بل تحث دائماً على النظر إلى الأمام، وهو الذي جعل وطننا الكبير ( المملكة العربية السعودية) وطنٌ بمعايير مثالية يتطلع الجميع إلى الاقتداء به.
فيصل بن بندر كان دوماً مع أبناء منطقته، في كل تطلعاتهم وقضاياهم، وهو انحياز طبيعي، لأن عهده أن تكتمل في منطقته عناصر التنمية التي تستهدف الإنسان، ويجب أن ترى النور الأحلام، على الرغم من ضخامة التحديات.
رحلة الثلاث السنوات وما هو مقبل، كانت رحلة تطوير للإدارة من حيث القوالب الإدارية، صناعة القرارات المهمة، والمشاركة المجتمعية، تفقد أدق التفاصيل، التحدث للمسؤولين والعاملين والمواطنين والوقوف على المشكلات وطرح سبل العلاج. والالتقاء بالمرضى والمعوزين، والذهاب إليهم وزيارتهم، في المستشفيات والبيوت، وتقدير دور رجال الأمن، وزيارات العلماء، وتشجيع الأسر المنتجة، وزيارات دور العلم والمعرفة، فضلاً عن لمساته الحانية اتجاه جيل الوطن القادم وتشجيعهم وفتح أبواب الحوار والتشاور معهم.
إن من أسهل المهام في هذا الزمن، أن تكون قادراً على تحقيق طموحاتك وأحلامك، في وقت المعلِّم الأول لتطور الرياض خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي وضع خططها الطموحة بفكر ثاقب وسعي صادق بيد البنَّاء الواعي المتقن، ورعاها بروح العاشق المخلص .
حين تمشي متمهّلاً بين أروقة قصر الحكم في مدينة الرياض فتقع عينيك على بعض المشاهد التي يختص بها هذا الوطن الكريم ولاحظتها في بدايات عمرك، تشعر بمتعة اصطفاف وصال الماضي العريق ودهشة الحاضر الزاهر في وطننا العزيز ونشوة الإعجاب بوفاء الأبناء والأحفاد لأمانة الآباء.
فشكراً أمير الرياض.. شكراً أيها الإنسان القائد الخبير الطموح؛ فمثلك أنموذج يُحتذى به في زرع بذور التفاؤل الكبير للمرحلة القادمة.