د. منصور الصالح المالك
كانت ليلة شتاء ممطرة في مدينة هيوستن الجميلة. قصدنا أحد المطاعم العربية لنتفاجأ بأنهم لا يستطيعون استقبالنا لأن المطعم محجوز لحفل خاص. قبل أن نغادر ولأن الجو كان ماطراً وبارداً وافق مدير المطعم على دخولنا شريطة أن نكون على طاولة منفصلة عن الحفل. الحفل كان للجالية الفلسطينية في هيوستن وكانت تتخلله أغاني فلكورية فلسطينية جميلة حينا وفقرات خطابية نارية حيناً آخر. الخطابات النارية كانت هجوما على العرب وبشكل أكثر شراسة على بلدي. قررنا أنا ومجموعة الزملاء أن ننهي عشاءنا بسرعة ونغادر المطعم. في الطريق كنت اتساءل ماذا يريدون أكثر... قدمنا لهم كل شيء يمكننا تقديمه... شاركنا في كل الحروب وسقط لنا شهداء... قدمنا لهم دعما ماليا لم يقدمه أحد... قدمنا دعما سياسيا لا مثيل له... بل أننا خاطرنا بخسارة علاقتنا الاستراتيجية بالدول العظمى من أجلهم... قطعنا البترول وخاطرنا باقتصادنا وأمننا الوطني من أجل قضيتهم... وضعنا قضيتهم في إعلامنا ومناهجنا كأهم القضايا بل وأهم من قضايانا الوطنية. هل يحق لنا بعد كل هذا أن نتساءل ماذا يريدون؟ كانت قلوبنا تتفطر عندما تشن إسرائيل عليهم هجوما ومساجدنا تصرخ بالدعاء لهم كل جمعة ومع هذا لم نسمع لهم صوت عندما كانت القاعدة وداعش تفجران في مدننا ولم نقرأ تصريحا متواضعا من أحد مسئوليهم عندما أطلق الحوثيون صواريخهم على المملكة. لم نسمع منهم سوى عبارات التخوين واتهامنا بالرجعية والتخلف ورعاية الغنم. صبرنا عقودا طويلة وتجرعنا مرارة الأخوة المزيفة أما الآن فقد حان الوقت للمراجعة والمحاسبة وكشف الحقائق. حان الوقت للتغيير أما أنا فلم أعد أتساءل ماذا يريدون لأنه لم يعد يهمني ماذا يريدون.