«الجزيرة» - المحليات:
برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس مجلس أمناء عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، وبحضور صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، ومعالي الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري نائب وزير الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد، دشنت جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد (مشروع كود بناء المساجد)، مساء أمس الاثنين في مسجد الظويهرة التاريخي الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله- ضمن افتتاح حي البجيري بالدرعية التاريخية في (20 جمادى الآخرة 1436هـ).
ورعى سموه توقيع اتفاقية إنشاء كود بناء المساجد بين وزارة الشؤون الإسلامية التي مثّلها في التوقيع معالي الدكتور توفيق السديري، وجائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد التي مثلها عبدالله الفوزان رئيس اللجنة التنفيذية للجائزة.
وجاء تدشين (كود بناء المساجد) ثمرة للفكرة التي قدمها سمو الأمير سلطان بن سلمان منذ عام 1417 بصفته رئيساً فخرياً للجمعية السعودية لعلوم العمران وقتها، ونتاجاً للجهود التي قام بها بالشراكة والتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية لإيجاد كود خاص للمساجد ضمن كود البناء العام الصادر بالأمر السامي الكريم مطلع هذا العام.
وقد أكّد الأمير سلطان بن سلمان في كلمته في المناسبة على أهمية تدشين مشروع كود بناء المساجد الذي يعد نقلة مهمة في عمارة المساجد، وتتويجاً لجهود الشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية لتطوير تصاميم المساجد والارتقاء بجودتها المعمارية.
ونوّه سموه إلى أن عمارة المساجد ورعايتها تحظى باهتمام استثنائي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله- لافتاً إلى أن الدولة السعودية ومنذ انطلاقها حتى وقتنا الحاضر كان المسجد ولا يزال ركيزة أساسية في كل عمل تقوم به ولم تدخر مالاً أو جهداً في سبيل العناية بالمساجد وإعلاء شأنها والمحافظة عليها.
وأبان سموه أن كود بناء المساجد يعتمد على كود البناء السعودي، وسيكون امتداداً متخصصاً ومركزاً لكود البناء العام يختص بعمارة المساجد، مشيراً سموه إلى الأمر السامي الكريم الذي صدر مطلع هذا العام بشأن تأسيس كود البناء، والذي شكّلت على ضوئه اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي.
واعتبر سموه (كود بناء المساجد) عنصراً رئيساً في الجهود التي يتولاها عدد من الجهات بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية لخدمة بيوت الله إعماراً وترميماً بما يتماشى مع دورها الرئيس في المجتمع وحياة المسلم.
وأشار إلى أن كود بناء المساجد سيراعي الجانب الثقافي والعمراني لكل منطقة، ووضع خطوط عريضة لعمارة المساجد تهتم بالاستدامة والأمن الاجتماعي وذوي القدرات الفائقة، إضافة إلى توفيره للطاقة حسب المعايير المعتمدة من الدولة واستخدامات المياه وتدويرها، وترابط النسيج العمراني مع المسجد.
وأعرب سموه عن تقديره لمعالي وزير الشؤون الإسلامية ومعالي نائبه والمسؤولين في الوزارة لدعمهم هذا المشروع الذي قدمه سموه قبل نحو عشرين عاماً، كما أعرب عن شكره للأستاذ عبداللطيف الفوزان مؤسس جائزة الفوزان لعمارة المساجد والمسؤولين في الجائزة على تبني المشروع.
وقال سموه: «تمنينا لو تم إطلاق كود بناء المساجد قبل 20 عاماً، فقد بني خلال هذه المدة عشرات الآلاف من المساجد والكثير منها يعاني من الهدر في الصيانة والطاقة والتكاليف، وهذا المشروع اعتبره من الفرص التي لم يحن وقتها إلا اليوم، إلا أن كل ما يأتي في وقته سيكون فيه بركة إن شاء الله، وأتذكر أنه عندما دعيت للمشاركة في مجلس أمناء جائزة الفوزان لعمارة المساجد ذكرت أن هناك ثلاثة متطلبات نتمنى العمل عليها، منها تبني كود بناء المساجد وهو ما نحتفل به اليوم، إضافة إلى الوقف الخيري للجمعية وقد تم، والثالث أن تسهم الجائزة في التحول المجتمعي لجعل المسجد أهم من البيت، وأن نحفز مشاركة المجتمع والأسر والشباب في الاهتمام بمساجدهم تحت شعار (المسجد أهم من بيتي)، فلا يعقل أن يكون بيتك نظيفاً والمسجد ليس كذلك، ولا يمكن أن نرمي مسؤولية صيانة المسجد لشركة أو عامل بسيط والمسجد يعاني نواقص في النظافة والصيانة والمبنى».
وأكد سموه أن تأخر تدشين كود البناء سبقه تأخر مشاريع كثيرة مثل برنامج إعمار المساجد التاريخية وبرنامج أنسنة المدن وغيرها من المشاريع التي عمل سموه مع عدد من الجهات الحكومية والشركاء عليها وأخذت وقتها حتى انطلقت مؤخراً بشكل منظم وبعد أن تقبلها المجتمع والجهات الحكومية وتحمسوا للمشاركة فيها.
ونوّه سموه إلى رمزية إقامة هذه المناسبة في الدرعية التاريخية التي كانت منطلقاً للوحدة والدعوة المباركة التي وحدت القلوب قبل الجغرافيا.
وقال إن العناية بالمساجد لا بد أن تكون المهمة الأولى ليست لوزارة الشؤون الإسلامية وحسب ولكن لكل إنسان ينتمي لهذا البلد، ونحن الآن في تحدي مع التطور الهائل في وسائل التواصل الاجتماعي وانشغال الشباب بها أن نعيد لهذه الأجيال اهتمامها بالمساجد عناية وعمارة، ولا يعقل أن لا يأخذ المسجد الأولوية في الاهتمام في بلد الإسلام والحرمين الشريفين.
ودعا سموه إلى تقليل البذخ والتباهي في الأشكال الهندسية في المساجد وصرف تكاليف مبالغ فيها.
بدوره عبر معالي نائب وزير الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري عن تقديره لجهود الأمير سلطان بن سلمان في تبني مقترح كود بناء المساجد والتعاون مع الوزارة في تحقيقه.
وأضاف: «هذا المسجد الذي نحن فيه اليوم هو ثمرة من ثمار غرسكم بالاهتمام بالمساجد التاريخية التي أنشئ لأجلها برنامج مشترك بين الهيئة ووزارة الشؤون الإسلامية للعناية بهذه المساجد ابتداء من حصرها وتبويبها حسب أولويتها ومن ثم البدء بإعادة إعمارها.
ومضى معاليه يقول: «يأتي اجتماعنا في هذا المساء لتوقيع هذه الاتفاقية بين الوزارة وبين الخيرية التي تعنى بالمسؤولية الاجتماعية في وطننا الغالي وهي مؤسسة عبداللطيف الفوزان التي تساهم معنا في كثير من الأعمال الخيّرة في خدمة بيوت الله وإعمارها، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بتوجيه من معالي وزيرها الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ اهتمت بهذا الجانب، وبهذا المسار فرخصت للعديد وما زالت من المؤسسات، والمجموعات التطوعية التي تعنى بالعمل التطوعي، والخيري ومنها الاهتمام ببيوت الله».
وأبان الدكتور السديري أن كود بناء المساجد يهدف إلى زيادة العمر الافتراضي لمبنى المسجد (الاستدامة) مع خفض تكاليف البناء، وإلى ترشيد استهلاك الطاقة بكافة أنواعها، وخفض تكاليف التشغيل والصيانة، كما يهدف الكود إلى الموافقة على المتطلبات الاجتماعية والأمنية، ومتطلبات ذوي القدرات الخاصة، وإلى مراعاة النسيج العمراني للحي، أو المدينة، أو القرية التي يقام فيها المسجد.
وأضاف: سوف يكون كود بناء المساجد أيضاً دليلاً استرشادياً للوزارة ولكافة فاعلي الخير وللمؤسسات التي تبذل في بناء المساجد عند رغبتهم في بنائها، مبيناً أنه تم عمل عدد من الخطوات لتنفيذ هذا الكود وجعله في محل التنفيذ حيث تم تشكيل لجنة تنفيذية بين الوزارة وبين الجائزة للقيام بإعداد الأسس العامة لكود البناء سواء كانت هذه الأسس معمارية، أو إنشائية، أو مكانيكية، وكذلك الاستفادة من الكفاءات والخبرات الوطنية المتوفرة لدى جميع الجهات ذات العلاقة بأعمال البناء والإنشاء والتعمير، ولتنفيذ ذلك شكلت ثلاث مجموعات مجموعة متخصصة بالمعايير التصميمية والتخطيطية، ومجموعة متخصصة بالمعايير التقنية، ومجموعة متخصصة بالمعايير التشريعية والتنظيمية.
وأضاف: وقد تواصلنا وما زلنا نتواصل في إعداد هذا الكود مع عدد من الجهات من أهمها وزارة الشؤون البلدية والقروية، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وجامعة الملك سعود.
ووجّه معالي الدكتور توفيق السديري الشكر باسم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ممثلة بمعالي وزيرها وكافة زملائي في الوزارة لسمو الأمير سلطان بن سلمان على جهوده مع الوزارة سواء في هذا الموضوع أو غيره من الموضوعات التي تهتم بالمساجد وتهتم بالعمل الخيري، كما وجه معاليه الشكر للجائزة الفوزان لعمارة المساجد ولصاحبها الشيخ عبداللطيف الفوزان وأبنائه ومجلس أمناء الجائزة وكافة العاملين فيها.
من جهته أكد الدكتور مشاري النعيم أمين عام جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد ومستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للتراث والثقافة، في كلمته أن الجائزة تضع نصب عينيها ضرورة الاهتمام بعمارة المساجد، ووضعت لهذا الهدف جائزة عالمية تحفز المهتمين في العالم على ابتكار حلول جديدة لتطوير عمارة المساجد، مشيراً إلى أن ما يسمى بـ»مسجد المستقبل» يجب أن يكون اقتصادياً وبسيطاً وَذَا تقنية عالية ومستديماً ومرتبطاً بمستخدميه.
وأوضح أن الجائزة آلت على نفسها العمل على تطوير كل ما من شأنه الارتقاء ببيوت الله، منوهاً بالدعم الذي تحظى به من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء الجائزة، ومن معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، لافتاً إلى أن مشروع «كود المساجد» ما هو إلا حلقة من الحلقات التي تسعى الجائزة إلى تطويرها.
وبيّن النعيم أن الجائزة تبنت إنشاء منصة إلكترونية تحتوي على مكتبة رقمية ستحفظ كل ما نشر حول عمارة المساجد في العالم باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى أرشيف للمساجد في المملكة، وموسوعة رقمية عالمية تساعد على التعريف ببيوت الله، فضلاً عن معلومات متكاملة للمصممين والمهتمين والشركات والتقنيات التي تهتم بعمارة المساجد.
وأشار إلى أن كود بناء المساجد يساهم في تقنين العمل المعماري ويجعله ضمن الإطار المقبول في تشجيع الابتكار لأن فكرته مبنية على المشاركة بين المشروع والمستفيد ويدفع إلى البحث العلمي وابتكار مواصفات جديدة في تبني الجمال المرن ويساعد على عدم المبالغة ويحدد الكفاءة الوظيفية في الوصول إلى المسجد المستدام اجتماعياً ووظيفياً واقتصادياً.
حضر الحفل الدكتور حمد العليان مستشار نائب وزير الشؤون الإسلامية للشؤون الفنية ورئيس برنامج المساجد التاريخية بالوزارة، والأستاذ عبداللطيف الفوزان مؤسس جائزة الفوزان لعمارة المساجد. يشار إلى أن الأمير سلطان بن سلمان كان قد تبنى مشروع إنشاء كود بناء خاص ببناء المساجد عام 1417 بصفته رئيساً فخرياً للجمعية السعودية لعلوم العمران وقتها، حيث عملت الجمعية على تأسيس برنامج تطوير المساجد ضمن مساعيها المتمثلة في تطوير التطبيقات العمرانية وتحسين ممارسة المهنة وتأصيل الهوية العمرانية لمدن المملكة وقراها. ويهدف البرنامج إلى وضع المعايير التخطيطية والتصميمية والتنفيذية والتشغيلية للمساجد الحديثة وإعادة ترميم القائم منها في المملكة العربية السعودية، والمساعدة التي تتولى المملكة تمويلها وبناءها خارج المملكة. وقدّم سموه مقترحاً لمعالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي وزير الشؤون الإسلامية (سابقاً) في العام 1417هـ بأن تقوم الجمعية السعودية لعلوم العمران بالعمل مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تطوير إطار يحدد الأسس لتصميم أمثل للمساجد ينطلق من أسس تراثنا العمراني العريق ويحقق كفاءة في تكاليف التنفيذ والتشغيل والصيانة، كما يمكن أن يشمل ذلك الإطار وضع الخطوط الأساسية لترميم وصيانة المساجد التراثية والأثرية.
وقد لاقى هذا المقترح ترحيب ودعم معالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، ونتج عن ذلك توقيع مذكرة التعاون بين كل من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والجمعية السعودية لعلوم العمران عام 1418هـ في مجال وضع برنامج لتطوير المعايير التخطيطية والتصميمية والتنفيذية والتشغيلية للمساجد في المملكة العربية السعودية.
وحرصت الوزارة وفقاً لهذه الاتفاقية على العمل على تأسيس كود لبناء المساجد.
ومؤخراً أطلق الأمير سلطان بن سلمان بوصفه رئيساً لمجلس أمناء جائزة الفوزان لعمارة المساجد مساراً للعناية بعمارة المساجد والعمل على وضع (كود) لبناء المساجد في المملكة بمشاركة وزارة الشؤون الإسلامية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والمديرية العامة للدفاع المدني، والجهات الخيرية المهتمة بعمارة المساجد.
الجدير بالذكر أن كود بناء المساجد هو مجموعة من الاشتراطات والمتطلبات وما يتبعها من الأنظمة اللازمة لضمان الحد الأدنى من جودة المسجد هندسياً واجتماعياً واقتصادياً بالإضافة إلى اعتبارات إرشادية اختيارية للارتقاء بالجودة المعمارية.
ويحتوي الكود على عدة اعتبارات، منها الاعتبارات التخطيطية وتشتمل على الطاقة الاستيعابية، والتي تحتوي على حجم المسجد والكثافة السكانية وحيز التغطية؛ والنسيج العمراني والذي يحتوي على علاقة المسجد بالحي واستخداماته الأرضية؛ والمرافق العامة وتحتوي على الصيانة والخدمات؛ والاعتبارات التصميمية والتشريع والصياغة وتحتوي على الاستدامة وتتمثّل في البيئية والاقتصادية والاجتماعية؛ عناصر المسجد، الأمن والسلامة، الاعتبارات التصميمية وتحتوي على سهولة الوصول والاعتبارات المعمارية والاعتبارات الإنشائية ومواد البناء. وتم تحديد المدة الزمنية المقترحة لإعداد كود بناء المساجد بـ15 شهراً، ويتم خلالها تنظيم العديد من ورش العمل منها ورشة عمل مع رؤساء اللجان لعرض المتطلبات الرئيسية من المشروع، وورشة عمل مع اللجان يتم فيها عرض وتقييم ما تم إنجازه وعرض خطة المرحلة المقبلة؛ والندوات منها ندوة خاصة يتم فيها عرض الإصدار الأول وطرحه للمناقشة مع لجنة التفكير والمراجعة ودعوه بعض المختصين كمراجعين خارجيين؛ وعمل العرض النهائي مغلق بين اللجان واللجنة العليا والمراجعة النهائية وحفل تدشين الكود.