د. محمد عبدالله العوين
قد لا يتذكر الشيخ أنني رأيته لأول مرة حين ذهبت إليه عام 1398هـ زائراً أطلب الانضمام إلى عضوية النادي الأدبي بالرياض بعد أن عيِّن رئيساً له على أثر اعتذار الشيخ عبد الله بن خميس الذي كان أول رئيس للنادي في أول تشكيل لمجلس إدارته.
لم أكن أعلم أين يقع النادي؛ فاستعنت بأحد أساتذة كلية اللغة العربية ممن كنت أظن أن لديه اطلاعاً واسعاً وصلة جيدة بالأدباء فقال لي إن النادي يقع خلف شارع الضباب من الجهة اليسرى للمتجه شمالاً، وبعد بحث مضن ودوران في الحي دلني أحد الطيبين عليه، وهو فيلا مبنية على طراز المعمار الذي واكب الطفرة المالية الأولى بعد منتصف التسعينيات من القرن الهجري الماضي، يرتفع مدخلها عن مستوى الشارع بأربع درجات، ثم مكتب رئيسي على اليمين، ومدخل ينتهي إلى فناء واسع، كان الشيخ أبو عبد الرحمن منهمكاً في قراءة أوراق بين يديه، ولم يتنبه إلى أن على عتبة باب مكتبه يقف شاب تواق إلى رؤيته والتعرّف عليه والتقرّب من عالم الأدباء والطموح إلى أن ينتظم في سلكهم بالانضمام إلى هذا النادي الذي يجمعهم ويقيم محاضراتهم وينشر كتبهم، وأنا واقف على عتبة الباب والشيخ منكب على أوراقه دارت في مخيلتي أسئلة عن هذا النادي الوليد؛ من يعرف مكانه؟ ومن يعرف أعضاءه؟ وماذا أنتج؟ وكم محاضرة أقام أو كتاباً نشر أو أمسية شعرية نظّم؟ لا شيء من ذلك كله؛ فقد كان النادي وليداً يحبو، ولم يمض على رئاسة أبي عبد الرحمن له إلا بضعة أشهر بعد أن انحل أول مجلس انعقد في منزل الشيخ عبد الله بن خميس عام 1395هـ بعد صدور الموافقة الرسمية بأشهر على تأسيس الأندية وضم ستة أدباء بالإضافة لابن خميس، ولا شك أن وضع إستراتيجية ورسم أهداف وتنظيم إدارة استغرق وقتاً، ولم تكن ثمة تجربة سابقة يبنى عليها، فلا بد من ابتكار طريقة للم شمل الأدباء ودعم نتاجهم وترويج نشاطهم والتعريف به، ومضت ثلاث سنين دون أثر يذكر عن النادي إلا أخبار متقطعة في الصحف، فرؤي أن يتم تشكيل مجلس إدارة جديد كان على رأسه ابن عقيل.
لم أره شيخاً؛ بل كان أقرب إلى الأدباء من الفقهاء، لحية سوداء صغيرة كأنها مدوّرة تكاد تلتقي مع شاربه، وغترة بيضاء تخالطها زرقة خفيفة على عادة أنيقي ذلك الزمان يثبتها عقال شديد السواد، ووجه باش باسم، وحفاوة بالزائر، وتبسّط في الحديث مع شاب حدث لا يعرفه ولا يعلم لم أتى إليه وما ذا يريد.
قلت له بعد زوال رهبة اللقاء الأول: أريد أن أحصل على عضوية النادي يا سعادة الرئيس، وأعتز ببطاقة العضوية في جيبي لو منحت إياها.
كان الجواب محبطاً وصادماً لشاب يريد أن يخطو الخطوة الأولى كأديب بعد أن نشر أول مقال بالجزيرة.. يتبع