د. جاسر الحربش
مهزلة بأربعة أضلاع، فضائية عربية (الجزيرة القطرية) تدس وتستفز، وفلسطيني يشتم بقذاعة مفرطة تلك الدولة الأكثر سخاءً مع الفلسطينيين ويهودي يرد ويصحح وقاحة الفلسطيني بالوقائع والأرقام، ومغردون يصرخون بانفعال ألم نقل لكم أن اليهود أشرف من الفلسطينيين؟. نفس المهزلة حدثت من قبل في غزة ونقلتها نفس القناة القطرية هكذا، مجموعة من الغوغاء من سكان غزة تصرخ وتهتف بحياة قطر وأمير قطر ويحرقون صور القيادات السعودية ويلعنون ديارها أمام كاميرات قناة الجزيرة فقط لا غير، ولا يوجد قنوات أخرى تنقل الحدث. لماذا لم يتساءل المشاهدون عن غياب القنوات الأخرى لا أدري.
واضح أن المنظر ملعوب قطري آخر بجمع بعض الحناجر المؤجرة مقابل بعض الدولارات ثم تصويرهم وبث المهزلة بالصوت والصورة كخبر عابر للفضاء العربي باتساع بث قناة الجزيرة.
نفس الوقاحة تتكرر أيضاً وبنفس الطريقة ضد مصر والمصريين من أفراد قلائل فلسطينيين، والمصريون هم الذين قدموا من التضحيات الجسدية والمالية أكثر مما قدمه كل الفلسطينيين وكافة ما يسمى بدول وأحزاب وتيارات المقاومة، الذين لم يقدموا غير الصراخ والتحريض.
المحزن في الموضوع موقفان، الأول هو صمت القيادات الفلسطينية في رام الله وغزة عن تصحيح الدس والتشويه القطري المتعمد، والثاني عدم تقديم الفلسطينيين المتآمرين مع قطر والموجودين تحت رقابة السلطة في رام الله وغزة للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى للقضية الفلسطينية، وهل توجد خيانة أكبر من الطعن في الإخوة المشهود لهم بالذات عند هذه القيادة الفلسطينية بالمواقف المشرفة؟. قمة المهزلة تمثلت في الإتيان بيهودي إسرائيلي يحتج على بذاءات الطاعنين ويدافع بقول الحق الذي يراد به الباطل. محزن أيضاً أن هذه المسرحيات الممولة للتهييج ونشر البغضاء تثير عند المشاهد السعودي والعربي عموماً ما تريده قطر وقناة الجزيرة بالضبط من الانفعالات والشتائم بطريقة التعميم على كل الفلسطينيين، وكأنهم عن بكرة أبيهم ناكرون للجميل وحاقدون على السعودية ومصر، وذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة.
واضح للعقلاء أو من تبقى من العقلاء العرب المتمسكين بالحق في الأرض والمقدسات، أن الهدف هو التفريق والتشتيت مقابل تقديم صورة إيجابية للمحتل الإسرائيلي يخالف الوجه السلبي المقدم عن الطرف العربي، لكي يسهل تبرير التخلي عن أصحاب الحق بحجة أنهم حاقدون لا يستحقون التضحيات والمساعدات.