عروبة المنيف
أصبحت منصات وسائط التواصل الاجتماعي هي الرقيب والحكم على بعض الجهات التي تقدم خدماتها للمواطنين، وعلى الأخص تويتر، فالواجهات الزرقاء التي تزخرف تغريدات تويتر، «الهاشتاقات»، حركت الراكد وكشفت المستور، ونبهت أعين المسؤولين إلى المياه التي تمشي من تحتهم، فعندما تنشر منصة تويتر تلك الهاشتاقات المتعلقة بقضايا تثير الرأي العام، وتكون تلك القضايا قد غابت عن ملاحظة المسؤولين في الجهات الخدمية المعنية أو تم تجاهلها أحياناً، يستدعي ذلك النشر تحريك أعلى مستوى إداري في تلك الجهة المعنية، وقد تكرر ذلك الحدث، ما أدى إلى تغيير سياسات وفرض قوانين وإجراءات كانت كفيلة بإحداث تحسين وتطوير للخدمات المقدمة من تلك الجهة.
إحدى تلك الواجهات الزرقاء التويترية المنهالة في كل لحظة كنهر أزرق متدفق، اشتملت على هاشتاقين، أولهما بعنوان «جمعية مودة تحرض على العنف»، وهاشتاق مضاد له بعنوان «مودة ترفض العنف».
الهاشتاقان المذكوران، بدآ بتصوير أحد منسوبي دورة تدريبية منعقدة في جمعية مودة الخيرية لبعض الشرائح التي تعرض في الدورة والمتضمنة عبارات عنف ضد المرأة، وقيامه بنشرها في منصة تويتر. لتتضح الصورة فيما بعد بأن إحدى الحقائب التدريبية التي تقدم لتوعية الشباب المقبلين على الزواج في جمعية مودة الخيرية قد تضمنت نصوصاً واضحة محرضة على العنف ضد المرأة، وبأن تلك الحقيبة التدريبية مجازة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وموافق على محتوياتها، وكانت الوزارة قد سلمتها لجمعية مودة الخيرية من أجل تدريب المقبلين للزواج عليها.
وقد استمرت الدورة لفترة من الزمن قبل اكتشاف هذا التجاوز من قبل أحدهم.
وعلى الرغم من تحفظ الجمعية على بعض محتويات الحقيبة بحسب ما أعلنت الجمعية في هاشتاقها المضاد، إلا أن انتشار صور تلك الشرائح المتضمنة نصوصاً محرمة دولياً ومحلياً وتتعلق بتشجيع العنف ضد المرأة بما يتعارض مع قانون الحماية من الإيذاء المطبق محلياً، كان دافعاً لقيام االمتحدث الرسمي باسم الوزارة بإطلاق تغريدة تتضمن إيقاف إعطاء تلك الحقيبة التدريبية التي تقدم في جمعية مودة، واعترافه بأنها تحتوي على نصوص غير مناسبة لقيمنا المجتمعية، وأن الوزارة تعمل حالياً على مراجعة كل الحقائب التدريبة لدى الجمعيات.
لا نستطيع الإنكار بأن بعض الهاشتاقات استطاعت أن تحدث تغييراً، فقد نبهت الوزارة لذلك الخلل المخالف للقيم المجتمعية، كما اعترف متحدثها الرسمي بذلك.
فالهدف من تلك الدورة ينتفي بل على العكس تعطي تلك الدورة نتائج عكسية فيما يخص تخفيض نسب الطلاق في المجتمع والتي يفترض أن تعمل على تأهيل الزوج لاحترام الحياة الزوجية المكللة بأهازيج الفرح والمحتضنة بنوايا العشرة الطيبة والمعاملة الحضارية والمتوجة بتقديس الرباط الذي يجمعهما كشريكين متساويين في الحقوق والواجبات.
من ناحية نظرية يفترض أن تخضع أي حقيبة تدريبية تقدم لأي جهة حكومية بهدف تبنيها للتطبيق على المستوى الوطني لمراكز بحثية متخصصة قادرة على إعداد حقيبة مكتملة الجوانب القانونية والاجتماعية والحقوقية والنفسية بحيث يتم إعدادها ومراجعة محتوياتها من قبل مستشارين متخصصين في مجال التطوير الإنساني وتغيير السلوك، ولا سيما أن تغيير السلوك عملية ليست بالبسيطة لارتباطها بالقيم المجتمعية وتأصل بعض العادات والتقاليد التي قد لا تتوافق مع مبادئ المساواة واحترام حقوق الإنسان.