فهد بن جليد
اختيار مساجد محافظة جدة لتنفيذ حملة (عيونك في صحتك) التي تنظمها وزارة الصحة مع جهات خيرية أخرى حتى العشرين من شهر رمضان المبارك، فكرة صائبة وذكية - هناك حملات توعوية عديدة بدأت تنتشر من المسجد - لتزيد من الوعي الصحي للمُصلين في هذا الشهر، وتجعلنا نشعر بالدور الكبير الذي تلعبه المساجد في حياة المسلمين كدُور عبادة في المقام الأول، فضلاً عن كونها منارات علم وفهم وريادة في المُجتمعات المُسلمة، باستعادة دورها التاريخي في صناعة الحياة وبناء الحضارة ونشر المعرفة بما يتفق مع احتياجات العصر ومُقتضياته، ولعلَّ من ذلك إقامة مُحاضرات صحية توعوية تهم حياة الناس اليومية ومفرداتها الآنية جنباً إلى جنب مع الغذاء الروحي والفكري والإيماني الذي يحصل عليه المُصلِّي عند تعبده بالصلاة، أو الجلوس لاستماع المُحاضرات والدروس والخطب الوعظية.
مباني المساجد ومباني المدارس التي تغطي كل الأحياء في المدن والقرى والهجر، وتنتشر بشكل كبير جداً على مساحة الوطن، تُشكِّل فرصة سانحة يُمكن الاستفادة منها في البرامج التوعوية والحملات الصحية أكثر، أو أي برامج اجتماعية أخرى - بما لا يتعارض مع دورها أو يؤثر عليها - بفضل ما تملكه من مواقع مُميزة، وإمكانات مُتعددة، ومساحات كبيرة ومُجهزة للتعامل مع مئات البشر في وقت واحد بالسهولة والاستيعاب المطلوب (مُقارنة بأعداد الطلاب والمُصَّلين), ولكنَّها في الواقع تقوم اليوم (بأدوار مُحدَّدة) في أوقات مُحدَّدة أيضاً, بينما يمكن الاستفادة منها بصور جديدة وعصرية تعتمد على تاريخ المسجد والمدرسة، بتسخير مبانيهما لخدمة الوطن والمُجتمع والاستفادة منها.
أقترح هنا مراجعة دور هذه المباني (خارج وقت الصلاة، وفي الإجازة)، وكيف يمكن استثمارها بأفضل صورة في الحملات والبرامج الوطنية والتوعوية والمُجتمعية، وفي غيرها من أنشطة المسؤولية الاجتماعية بما لا يتعارض مع مكانتها والهدف من إقامتها, فاستثمار مباني مساجد الأحياء ومدارسها لخدمة المُجتمع القريب، سيُعزِّز الدور الحقيقي والتاريخي للمسجد ويُغيِّر من الصورة النمطية التي اعتاد الناس عليها، والأمر كذلك ينسحب على المدرسة ومبانيها التي تُهجر لمدة أربعة أشهر تقريباً كل عام، بينما تلوح فُرص حقيقية لاستثمارها وتشغيلها والاستفادة منها بدلاً من تعطيلها، ولو باستغلال المساحات على جنباتها, ببناء أوقاف وتأجيرها.
وعلى دروب الخير نلتقي.