د.ثريا العريض
كل عام وأنتم وأحبابكم جميعاً بخير مستدام.
نلهج بالدعاء في التراويح ومع كل صلاة في شهر رمضان الفضيل ندعو الله أن يبلغنا إتمام الأيام وحسن الصيام والقيام, ويغمرنا جميعاً بأجواء السلام. شهر فضيل روحاني التفاصيل.
أجلس مع ابنتي أمام شاشة التلفاز. تتأفف من إصراري على متابعة نشرة الأخبار. تقييمها أنها لا تحمل إلا أخباراً مؤلمة وصوراً موجعة إنسانياً.
أقول: نعم هذا هو الواقع ولن تحمل نشرة الأخبار تفاصيل متخيلة.. ومع هذا فضمن الواقع أيضاً أخبار تسعد وتفاصيل تطمئن.
اتصل أحد الزملاء من الشرقية هاتفياً يسأل عن الأحوال ويستفسر أين سنقضي رمضان؟ قلت: في الرياض حيث تربطنا ظروف عائلية وعملية خاصة لا تسمح بالبعد. وسألت بدوري عن أحوالهم وعن الطقس على الساحل فقال: «لاهوب».. انتهينا من عاصفة غبار وحرارة شديدة.. فتلقفتنا الرطوبة.
الله يعين!
تذكّرت أن هناك من سيعانون «اللاهوب» بكل معنى الكلمة!
كل هلال جميل وواعد.. ولكن قمر رمضان الذي يطل في سماء منطقتنا الآن أحسه ملتبس الرسائل, يحمل هوية موسم أكرم وعدا, وأنبل.. ولكنه يأتي في ظروف تحفل بالألم وتحمل المعاناة للكثيرين.
يأتي في هذا العام اسماً على مسمى: رمضاً مع حرارة الصيف, ورمضاً مع التهاب الصراعات وتأجج الفتن بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الأمة الواحدة. والرمض شدة العطش فكلنا متعطش أن تصبح النيران المتأججة برداً وسلاماً بقدرته تعالى. يأتي مع الصيف وقسوة الحر وملايين من أشقائنا في الجوار يعانون مضاعفات الصراعات والحروب في أوطانهم, وغربة اللجوء هروباً إلى أراضي الآخرين, ومعاناة الخوف والحرمان من الأمان, وآلاف من أبنائنا الغالين بعيدين عن أحبابهم ومنازلهم مستنفرون لحماية الحدود الغالية.
كل وطن عربي وكل وطن مسلم مشغول بجراحه وتصدعاته, وكل فرد مؤمن مشغول بمتطلبات حياته؛ ومع هذا من نعم الله أن يحتفظ وجدان البعض بحس شفاف وبشعور بالإنسانية.. لا ينسى أن يذكرنا جميعاً أن نمد أيدينا لمساعدة المتألمين.
اللهم بقدرتك اجعل «اللواهيب» تتراجع برداً وسلاماً وأماناً, وبلطفك عجّل بنهاية الصراعات والحروب.
أسعد إذ أتذكر كل ما تفعله المملكة لتخفف معاناة إخوتنا وأشقائنا ضحايا التهاب المعارك والقصف والألغام في أوطانهم. أتذكر ما وضحه لنا د. عبد الله الربيعة في لقاء خاص عن برنامج مركز الملك سلمان للإغاثة الذي يمتد لأصقاع شتى تعاني من الكوارث الإنسانية.. وليس فقط من الحروب. اللهم عجّل بالفرج والسلام لتنتهي آلامهم, وتنطفئ النيران.. وقدّرنا على عونهم لإعادة بناء بيوتهم وصفاء قلوبهم.
الحمد لله نحن بخير.. وبعون الله قادرون أن نمد أيدينا لإغاثة الغير.