فضل بن سعد البوعينين
تقوم الجمارك السعودية بدور فاعل لتعزيز أمن المجتمع والأسواق المحلية، وتحقيق الحماية المتقدمة للوطن والمواطنين، من خلال إحباط عمليات تهريب المخدرات، المتفجرات، الأسلحة، المواد المحرمة، المغشوشة، المقلدة، والمضرة بصحة الإنسان وسلامة البيئة. جهود متميزة ومضنية، يقوم بها رجال الجمارك في المنافذ السعودية، تضعهم في مواجهه دائمة مع المخاطر الكبرى الناتجة عن ضبطيات تهريب الأسلحة، المتفجرات والمخدرات.
تُعتبر «الجمارك السعودية» من الهيئات المحورية ذات المهام المختلفة، والعلاقات المتشعبة التي يتداخل فيها الشأن الاقتصادي بالأمني والديني والمجتمعي؛ وهو ما يجعلها في حاجة دائمة لتحقيق التوازن الأمثل بينها، وبما يحقق انسيابية الحركة، وتدفق البضائع والمركبات من جهة، وضمان تفعيل متطلبات الأمن والحماية وتحصيل الإيرادات الجمركية من جهة أخرى.. وهي معادلة شاقة، تحتاج للكفاءة والجهود المضنية من قِبل موظفي الجمارك. وللأمانة، تعمل الجمارك السعودية بفاعلية وكفاءة عالية، يدعمها موظفون أكفاء، يؤدون أعمالهم في ظروف بيئية ومكانية متغيرة ومؤثرة أيضًا.
ووفق رؤية المملكة 2030، وضعت «الجمارك السعودية» رؤيتها الخاصة التي حددتها بـ «الإسهام في تحفيز الاقتصاد، وتمكين المملكة لتكون مركزًا لوجستيًّا عالميًّا عبر تيسير التجارة عبر الحدود، وتحقيق الإيرادات، والاهتمام بالعميل، وحماية الوطن والمجتمع بكفاءة وفاعلية». وتقدمت خدمة المستفيدين وتيسير التبادل التجاري وتدفق البضائع، أولويات استراتيجيتها، إضافة إلى تحقيق الأمن والحماية، وتحصيل الإيرادات الجمركية المستحقة، وتعزيز فاعليتها. تحقيق الأولويات الثلاث والأهداف الأخرى بفاعلية يحتاج إلى تهيئة الظروف المناسبة والبيئة المحفزة على الإبداع والعمل، خاصة مع تنوُّع بيئات العمل بحسب الموقع. اتساع رقعة المملكة وارتباطها بحدود مع دول مختلفة في المنطقة يعطي المنافذ الجمركية خصوصية، من حيث الجوانب التشغيلية والبيئية والضبطية والحمائية؛ وهو ما يستوجب التعامل معها وفق خصوصيتها واحتياجاتها المتنوعة والمختلفة عن بعضها البعض. تحقيق أهداف «الجمارك» الطموحة يحتاج إلى دعم بيئة العمل بأعداد كافية من الموظفين، وتعزيز التحول التقني بتوفير أجهزة الكشف الحديثة، وتعميمها بشكل واسع؛ لتكون أساس العمل، إضافة إلى تحسين بيئة عمل الموظفين الميدانيين، وتحفيزهم ماليًّا. ولعلي أضرب مثالاً بجسر الملك فهد، الذي يجمع بين التبادلات التجارية، وحركة المركبات الكثيفة، ومخاطر التهريب المرتفعة.. فبالرغم من حجم العمل الكبير إلا أن عدد العاملين في المنفذ الجمركي لا يتوافق مع الحاجة؛ وهو ما يتسبب في بطء الحركة، وتحمُّل الموظفين أعباء إضافية، تؤثر على صحتهم وتركيزهم، خاصة في فصل الصيف، وقت الرطوبة العالية ودرجة الحرارة المرتفعة. منفذ جسر الملك فهد في حاجة ماسة إلى تحسين بيئة عمله الميدانية لضمان تحقيق رؤية «الجمارك السعودية»، والانتقال بها إلى مستوى التطبيق العملي على أرض الواقع. هناك علاقة وثيقة بين تحسين بيئة العمل وتحقيق الكفاءة التشغيلية والجاهزية الأمنية. ومن أهم خطوات التحسين المطلوبة زيادة عدد موظفي الجمارك بما يتناسب مع حجم العمل، وتطوير منطقة تفتيش المركبات، وتجهيزها بأجهزة التكييف الخاصة بالمساحات المفتوحة القادرة على خفض درجات الحرارة، وعزل الرطوبة الخارجية، وتوفير بيئة مساعدة على العمل.. إضافة إلى التوسع في استخدام الأجهزة التقنية الحديثة، وتحفيز الموظفين ماليًّا، وتوفير التغطية التأمينية لهم، وسداد مستحقاتهمفي وقتها. أداء موظفي جمارك الجسر المتميز لا يعكس كفاءة بيئة العمل، بل كفاءتهم وقدراتهم الخاصة التي تجاوزت الظروف المحيطة، وتحملت من أجل أداء الأمانة وحماية الوطن.
ما ذكرته عن جسر الملك فهد ينطبق أيضًا على جميع المنافذ الجمركية التي تحتاج إلى مزيد من العناصر البشرية، والأجهزة التقنية الحديثة، والحماية الدائمة، والتغطية التأمينية، والتطوير الأمثل للمراكز الحدودية التي تشكل البيئة الدائمة لأعمالهم الرقابية.