ناصر الصِرامي
شرعت وزارة الثقافة والإعلام في إعداد وثيقة لتنظيم عمل المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بالمملكة؛ لوضع ضوابط تنص على التزام المؤثرين بالمعايير الأخلاقية، والقيم الدينية، والعادات الاجتماعية.. إلخ.
كما تتضمن المقترحات التي يجري إنشاؤها إلزام المؤثرين بالحصول على رخصة في حال ممارستهم أنشطة إعلانية عبر حساباتهم، ويتم تجديد الرخصة سنويًّا. وتستهدف الوثيقة ضمان التزام المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بالمصداقية والموضوعية خلال موادهم المنشورة في حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه المصداقية عامة ونسبية، وخصوصًا بين الأفراد.. ولست متأكدًا كيف يمكن حسابها أو قياسها عمليًّا وقانونيًّا..؟!
وسبق للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أن أطلقت مبادرة الميثاق الأخلاقي للتواصل الاجتماعي في تاريخ 20 نوفمبر 2017م، تهدف إلى تشكيل وصياغة ميثاق تفاعلي، ومرجع موحد للإعلام الرقمي بالمملكة.
لكن هل يمكن بالفعل ضبط مشاهير ومؤثري شبكات التواصل الاجتماعي..؟!
الحقيقة إن الواقع غير الأمنيات تمامًا.. قد يمكن ضبط بعضهم نسبيًّا نتيجة وجود عقوبات مشددة، لكن مهما بلغت تلك العقوبات وصرامة تنفيذها إلا أنه لن يكون من السهل أبدًا السيطرة عليها، بل يمكن فقط أن تحقق تلك الرخص والشروط دخلاً إضافيًّا للوزارة أو الهيئة..!
لكن عندما يعلن المشاهير أو يتم استخدامهم للترويج لمنتج أو خدمة فإن الجانب الجغرافي وحدود الدولة تتلاشي في عالم افتراضي متسع ومتقاطع.. وعلينا أن ندرك أيضًا أن مشاهير اليوم ليسوا مشاهير الغد، وأن شبكات التواصل الاجتماعي بصيغتها الحالية لن تكون هي نفسها مستقبلاً.
مبادرة الوزارة جيدة، لكن تطبيقها على أرض الواقع أشبه بجمع الماء في شبكة صيد السمك..!
الأقرب هو وضع محاذير، يتم معاقبة من يتجاوزها، سواء كان من مشاهير أو نصف مشاهير شبكات التواصل الاجتماعي، وكل تطبيقات العالم الافتراضي، وهنا الإعلام الرقمي.
أعتقد أن بإمكان الوزارة والهيئة تقديم حلول أكثر جدوى ماليًّا وتنظيميًّا بعيدًا عن الأسلوب التقليدي في مواجهات وسائط غير تقليدية أبدًا..!
الميثاق الأخلاقي للتواصل الاجتماعي، أو مبادرة الميثاق الأخلاقي للإعلام الرقمي، فكرة جيدة لكن محاولة تنظيم وسائل متغيرة ومتطورة بأسلوب وأدوات قديمة لن تحقق نتائجها المرجوة.. على الوزارة أو الهيئة أن تكون أكثر ابتكارًا وأقل تقليدية..
وأكرر: إن هناك حلولاً أخرى تقنية وفنية قد تحقق جدوى مالية أكبر، وتنظيمًا أوسع وأكثر دقة وعملية..!