عبده الأسمري
ذاع صيته في كفة ميزان «الإمامة» وصدح صوته في أذان «المأمونين» فكان صدى للتاريخ ومدى للذائقة البشرية «تربى في كنف بيوت الله فأشبعته بالسكينة وتشرب من ينابيع الموهبة فأسبغته بالحسنى.. فنال شهادة تواقيعها «لا تنتهي» في لوحة شرف وتاج كرامة عنوانها «تلاوة القرآن الكريم» وتفاصيلها «سنوات عمر» و»أعوام خبرة» و»مواقف بطولة» أمام منابر الجوامع فكان حقيقًا بالفخر محقًا بالتميز بإمضاءات مصلين وخاشعين ومتذوقين التلاوة وتجويد الآيات ومتلذذين بجمال العبرات في حضرة الصلاة وفي أركان الجوامع.
انه قارئ القرآن الشهير الأكاديمي الدكتور ياسر الدوسري أحد الأئمة في السعودية وأبهر قراء القرآن الكريم في العقد الأخير.
بوجه نقي تقي تتوارد منه سمات «التواضع» وصفات «الإنصات» وملامح ودودة معطرة ببياض الورع عاطرة بنقاء السريرة وعينان تشعان بالطمأنينة وتقاسيم بيضاء تظهر عليها مآثر نور القرآن وأثر طهر البيان وصوت شجي ينطلق بالحق وينطق بالذكر موشح بلحن عجيب مهيب ينبع من حنجرة ماسية ولسان قويم يتباهى بالإتقان ويتماهى بالألحان يصدح بإعجاز التلاوة وإنجاز الحفظ قضى الدوسري ولا يزال من عمره سنين أمامًا وخطيبًا في حلة شخصية باهرة وظاهرة صوتية مبهرة تطرب الآذان وتهذب الأرواح من خلال آيات الذكر الحكيم.وهو أنموذج للأداء الصوتي المسجوع بنغمة «قراءة فريدة» تتهافت إليها الجموع للظفر بوجبة السماع والفوز بهدية الإنصات.
في الخرج بين بيوت الطين ولد الدوسري منجذبًا إلى اتجاهات السمو الديني في جنبات أسرته وموجهات العلو القرآني في تلاوات جامع قريته فنشأ خلال محيط ديني أشبعه باليقين وأسبغه بالحنين فعاش بين فيض الفضائل ماضيًا إلى حيث تعاليم الدين، تعلم القرآن باكراً فارتبط بالآيات وترابط مع التفسير وتشبث بالفضل الكبير الذي جعله يرسم ضياء المستقبل بنور الذكر فحفظ جزء عم في السادسة من عمره قبل الدراسة ثم التحق بمدرسة زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن الكريم ودرس فيها عاماً واحداً ثم انتقل مع أسرته لمدينة الرياض وواصل مسيرة الحفظ في مدارس حفظ القرآن الحكومية وأتم حفظ القرآن كاملاً في الصف الثالث المتوسط.
حصل الدوسري على البكالوريوس من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعمل كأمين عام لجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن بالدفاع الجوي، وبعد سبع سنوات أكمل دراساته العليا فنال الماجستير والدكتوراه في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء.. للدوسري مسيرة مضيئة في مهمة إمام المصلين حيث قام بإمامة العديد من المساجد ومنها مسجد عبد الله الخليفي ثم مسجد الكوثر ثم جامع الإمام عبد الله بن سعود وجامع الشيخ عبد العزيز بن باز ثم إمامة جامع الدخيل بالرياض عام 1426 وحتى الآن وعُيّن في شهر رمضان 1436 للهجرة كإمام للمصلين في صلاة التراويح في الحرم المكي ولا يزال ويعمل عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود، وعضوا في عدة جمعيات فقهية ودعوية وعلمية في الداخل والخارج. قرأ الدوسري القرآن على يد العديد من المشايخ وحفظة القرآن وتتلمذ على يد جهابذة العلم الشرعي في المملكة وشارك في عشرات المؤتمرات والمناسبات وألقى العديد من المحاضرات وشارك بشكل لافت في عدة قنوات فضائية وإذاعية وصحف محلية ومجلات دورية ونشر العديد من البحوث والدراسات وترأس عدة لجان تحكيم في مسابقات حفظ القرآن.
حفرت ذكريات ومحافل التحفيظ في ذاكرة الدوسري جمال الأثر واكتمال التأثر فعاش في رحاب الذكر الحكيم مستأنسًا بشهادات أساتذته أنيسًا بشهود المصلين وهم يزفون بشائر الإعجاب بصوته والإغداق بذكره في مجالس الصالحين.
ياسر الدوسري «قارئ متميز» فظل في خانة «الثقة» التي نقلته لمسار «الثقة الملكية» فانتقل إلى ميدان «الإمامة» في أطهر بقاع الأرض وأعلاها شرفًا وأسماها فخرًا في «بيت الله العتيق» متجاوزًا «صغر السن» متعديًا تحديات «هيبة المكان» متحديًا سنوات الخبرة ليطارح العلا من أسمى بوابات المعالي في الدنيا والآخرة. في سجل الشرف يقف الدوسري متميزًا في ميدان قراء كتاب الله وبين أرجاء الوطن يتردد اسمه بشهرة موثقة بالإجماع ووسط أسماء المؤثرين يوجد اسمه محفورًا في ذاكرة الفخر وفي مفكرة التذوق الروحاني لعبق التلاوة.