سعد بن عبدالقادر القويعي
تروي أوساط سياسية مراقبة لما يجري من تطورات متسارعة في المنطقة، أن أجمل ما في السياسة السعودية اتسامها بوصف العقل، والحكمة؛ ما جعلها تمتلك مزيدا من التأثير على مجريات الأمور في المطبخ السياسي العالمي، والمجتمع الدولي، وتحملها بكل تفان، ودهاء، كلاعب مؤثر في ملفات كبيرة، وما ذاك إلا بسبب قراءة التاريخ العريق، والخبرة الطويلة، وعصارة التجارب المسبوكة بحنكة، وهدوء تام.
رسم الحنكة السياسية السعودية، والنظام السياسي الأعرق، والأكثر استقرارا في المنطقة، قامت على المزاوجة بين عناصر الأمن، والاستقرار، في معادلات تشتد - أحيانا -، وترتخي - أحيانا -، وتتمسك بكل عنصر يمكن أن يكون ورقة في يدها ، وخط دفاع عنها ، ونقطة قوة تتقوى بها. كما أن الواقعية، والهدوء ضرورة؛ للنظر، وتحليل الأمور؛ الأمر الذي يعد ثباتا للسياسة السعودية؛ كونها تنتمي لهوية عربية، وعدالة إسلامية في النهج، والحضور.
رغم خضم التطورات السياسية، والمخاطر الهائلة التي تستهدف المملكة من عدة جهات - إقليمية ودولية -، ورغم الهجمات الحادة التي تعرضت لها الدولة السعودية، والمناخ الساخن الذي ساد العلاقات الاستراتيجية بين عديد من بلدان العالم، إلا أن جوهر تأسيس هذه الدولة، والتي تأسست بالحكمة، والعقل - السياسي والاجتماعي -، كان قائما على عقل رشيد في سياسته - الخارجية والداخلية -؛ لأنه سيحتاج إلى ذراع يصافح باحترام، ويصفع بعدل. وأبعد من هذا، أن الدهاء السعودي يبرز في مواضع الاختلاف أكثر من بروزه في نقاط الاتفاق؛ نتيجة تغذية المحتوى العلمي؛ لسبر جامعة الدبلوماسية السعودية.
في الوقت الذي تعصف بالمنطقة حروب، وثورات، اقتلعت دولا من أساسها، وحولتها إلى هشيم تذروه الرياح العاتية، فإن سياق الأحداث التي تحصل في المنطقة، تؤكد على ألا صوت يعلو فوق صوت الاستقرار السعودي في المنطقة؛ لأن ساستها احترموا مبادئها، فاحترمهم العالم. - وفي المقابل - خبروا السياسة، وعركوها، وأعطوا العالم دروسا في التكتيك السياسي، وصفعه قوية لكل أعدائها.