نوف بنت عبدالله الحسين
(هيل وهلال)
ترقّب لابتسامة السماء... تعلن عن بزوغ هلال الشهر الكريم.. فتهل البركة والتبريكات... وتبدأ الطقوس الروحانية بالنهوض... المآذن تصدح بتراويح تريح القلوب.. والنفوس تقتفي من خير رمضان.. تنتشر روائح الهيل والقهوة قبل لحظات من الإفطار... تتناثر تلك الحبيبات الخضراء معلنة بركة الأمهات وهن يمزجنها كنكهة حب وروحانية.. ليست الأطباق وتنوّعها ما يجعل الإفطار شهيّاً.. بقدر الالتمام حول المائدة وانتظار الأذان والاقتداء بالسنن في الإفطار... وللمستكة نصيب حب خفي في الإطباق.. كصدقة مخفية عن الأنظار.. تتصدق بسخاء يطغى على النكهات.... ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله.. استعداداً لرحلة أخرى أجمل.. خطوات نحو المساجد.. وتسارع بلهفة للولوج داخل الجامع.. فتأتي رائحة بخور السكينة.. بيوت الله في رمضان عامرة بالخشوع.. تربط على قلوبنا وتجعلنا في مواجهة مع النفس في تقصيرنا.. فتستقبلنا رحمات الله.. وتحفنا الملائكة.. وتعيد بداخلنا زهداً عن دنيا فانية.. كمزاد للآخرة... في الجوامع والمساجد برمضان تحديداً... نتذكر الميتين والمرضى والأيتام والمساكين والمستضعفين والمظلومين... فندعو الإله لهم وندعو لنا بأن يجعلنا أقوياء ومعطائين وأن يسامحنا ويجعلنا متسامحين...في رمضان تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطين.. فتأتي نفحات الخير والتسابق نحو الجمال والبذل والعطاء شاهداً على أجمل شهر يتوّج سمو أرواحنا وتعلو بنا نحو الاستزادة من كل شيء.. رمضان يجمع الأحبة ويقرب المسافات.. يعيد إلينا صوابنا... وتصغر الدنيا في عيننا.. وللصغار نصيب المحاولات الشجاعة في الصيام والصبر.. فلتتهذب النفوس في رمضان.. رحلة الثلاثين يوماً تكون استزادة من الجمال في أسمى وأرق معانيه.. هيل وهلال ورمضان وقربات وترقب ليلة خير من ألف شهر.. إنها رحمة الرحمن الرحيم بنا.. أن جعل هذا الشهر محطة استزادة وراحة من كل هم وغم... اللهم بلغنا رمضان أعواماً عديدة.