خالد محمد الدوس
هربرت سبنسر فيلسوف إنجليزي وعالم اجتماعي ولد عام (1820)، وتوفي عام (1903) وقد تعلّم تعليماً منزلياً، ولم يلتحق بالمدارس أو الجامعة..!! واشتغل مهندساً في السلك الحديدية ولم يلبث أن ترك هذا النشاط وعمل في الصحافة والأدب والسياسة وقضايا المجتمع، وقد تأثر هذا الفيلسوف كثيراً بأفكار مؤسس علم الاجتماع الحديث (أوجست كونت)، وتشارلز داروين، كتب سبنسر مؤلفات كثيرة تدل على سعة العرض وعمق التفكير وعبقريته وكانت مؤلفاته مرآة صادقة للفكرة التي تشعبت بها نفسه، وتبلورت في تفكيره، وهي فكرة النشوء والارتقاء، محاول تطبيقها على الكائنات الحيّة، وعلى الإنسان في ميدان علم النفس والأخلاق، وعلى المجتمع في ميدان علم الاجتماع والسياسة. ومن أهم مؤلفاته كتب، «أسس علم الحياة»، و«أسس علم النفس»، و«أسس علم الاجتماع»، و«الإستاتيكا الاجتماعية».
كان له قصب السبق في وضع أسس نظرية التطور، وكان سبنسر وليس داروين هو الذي أوجد مصطلح (البقاء للأصلح) رغم أن هناك من نسب القول إلى داروين، وقد استفاد داروين من هذه الأفكار بعد أن آمن سبنسر بقوانين الطبيعة، وأنها جاءت لغاية معينة أساسها التخلص من الضعفاء واستمرار الأقوياء.
قسّم الأب الثالث لعلم الاجتماع سبنسر المجتمعات الإنسانية إلى أربعة أنواع حسب درجة تطورها ورقيها الحضاري والاجتماعي، وهي المجتمع النشيط، والمجتمع المركب، والمجتمع المركب تركيباً مضاعفاً، والمجتمع المركب تركيباً ثلاثي، كما قام بتنظيم هذه الأنماط الأربعة من المجتمعات إلى أنواع فرعية ومتشعبة لا يسع المقام لذكرها.
كما اهتم بالأسرة واعتبرها وحدة بيولوجية واجتماعية تسيطر عليها الغرائز الواعية، وتتشكل طبيعة الأسرة بتشكل طبيعة الحياة الاجتماعية السائدة.
وعندما قسّم سبنسر بالأسرة واعتبرها وحدة بيولوجية واجتماعية تسيطر عليها الغرائز الواعية، وتتشكل طبيعة الأسرة بتشكل طبيعة الحياة الاجتماعية السائدة.
وعندما قسم سبنسر المجتمعات إلى نوعين: مجتمعات حربية، ومجتمعات صناعية تناول وضع الأسرة في كل نوع من هذه المجتمعات، ففي المجتمعات الحربية نجد أن الرجل هو عصب الأسرة وهو سيدها، يتسم بالغلظة والشدة واجبه الطاعة والتنفيذ، يسيطر ويأمر، والحياة في الأسرة شبيهة بالحياة في القلعة أو الثكنة العسكرية لا إرادة ولا حرية لأفرادها. وتنعدم فيها روح التآلف والانسجام وتنعكس كل هذه الاعتبارات على التربية والتعليم والقيم الأخلاقية.
أما في المجتمعات الصناعية، فالأسرة أفضل حالاً من الأسرة الحربية، حيث تحتل المرأة فيها مركزاً معادلاً لمركز الرجل. ويتمتع أفرادها بالتعاون والتماسك والمشاركة في مطالب الحياة، كما تمتاز الأسرة الصناعية بقسط كبير من التكافل الاجتماعي ومن رعاية الدولة، وتخضع نظم الأسرة للروح الديمقراطية، وتتعدد فيها الاتجاهات التربوية والتعليمية ويقل إشراف الدولة عليها، ويضيق نطاق تدخلها في شؤونها.
ويعتبر سبنسر الأسرة بصفة عامة هي خلاصة الجنس، وهي المرأة التي تعكس قدرتها وخصائصها الموروثة، وهي بوصفها خلية بيولوجية واجتماعية تتأثر بعوامل البيئة والوراثة ومقومات التنازع على البقاء، وهي المجتمعات المستقرة المتطورة تقوم بدور خطير بصدد التربية بمختلف اتجاهاتها: البدنية والدينية والأخلاقية والاجتماعية، والتعليمية.
وكان سبنسر من أنصار سيادة الرجل على الأسرة، ومن أنصار عدم نزول المرأة إلى ميدان الحياة العامة، إذ يكتفي بتثقيفها لتكون زوجة وربة منزل. فقد كان يسخر من دعوة النساء لنيل الحقوق السياسية. لأن هذه الحقوق في نظره وهم باطل!!
وذلك لقناعته بأن المرأة في تركيبتها عاطفية المشاعر لا تنظر للأمور بوعي واتزان وموضوعية، وبصفة عامة يمكن القول أن هربرت سبنسر كان من أنصار سيادة الرجل وأن المرأة يجب أن تتثقف وتجلس في بيتها لتربية أبنائها وتنشئتهم التنشئة الاجتماعية السليمة. ويبقى العالم الفذ هربرت سبنسر أحد أعمدة علم الاجتماع وأبرز رموزه العمالقة الذين أثروا أبو العلوم (علم الاجتماع) وميادينه.. ولا يمكن أن يتجاوزه أي عالم أو باحث اجتماعي.