عبد العزيز الصقعبي
مفارقة غريبة في الأكاديمية التي تمنح جائزة نوبل لهذا العام، وهي ببساطة « قلة الأدب تتسبب بعدم الإعلان عن جائزة الأدب»، فقد ورد عبر وكالات الأنباء أن الأكاديمية السويدية تعرضت للانتقاد بسبب الطريقة التي تعاملت بها مع سوء سلوك المصور الفرنسي «جان كلود أرنو» المتزوج من عضوة سابقة في الأكاديمية التي استقالت أثر ذلك ومعها أربعة أعضاء آخرين، الغريب في الأمر أن الجائزة لن تحجب بل سيؤجل الإعلان عنها لمدة عام حيث ستعلن مع إعلان الفائز عام 2019م.
الغريب أن هذا العام خفت توقعات العرب بترشيح أحد الأدباء للحصول على جائزة نوبل، ربما أصابهم الملل من تكرار اسم أدونيس كمرشح شبه وحيد، وبالطبع الترشيح ليس بالإجماع، وفي المقابل ليس هنالك أسماء أدبية عربية أجمع عليها العرب، لا يوجد أبداً. هنالك شعراء وكثير من الروائيين وكتاب القصة والمسرح لديهم حضور في بلدانهم وبعض الدول العربية، ولكن هذا الحضور لا يتجاوز إلى العالمية، وليس مقنعاً مطلقاً، إضافة إلى أمر مهم وهو أن الإبداع العربي لا يتجاوز المحلية، بمعنى أن هنالك أعمالا جيدة تدفن بسبب رداءة التوزيع وسوء المتابعة، الذي يؤدي إلى عدم وصوله إلى القارئ العربي، وبالطبع لن يصل إلى القارئ الأجنبي لعدم وجود الترجمة، نستثني من ذلك بعض المبدعين الذين يكتبون بلغات غير العربية وبالذات الفرنسية وقد حققوا بعض الانتشار مثل أمين معلوف والطاهر بن جلون، ولكن حتى هؤلاء أعتقد أنهم لم يحققوا الانتشار الكبير على مستوى العالم كما حققه كمثال الياباني هاروكي موراكامي الذي ترجمت أعماله إلى أكثر من خمسين لغة.
العرب ونوبل للأدب عملية حسابية معقدة، لا أعتقد أن القائمين على الجائزة سينتزعون كاتباً عربياً مغموراً ويلبسونه وشاح الشهرة، من هو ذلك الكاتب الذي يستحق الجائزة، من يدلهم عليه، ومن يقنعهم بتميزه، هذه الأسئلة ستبقى معلقة لزمن طويل.
وهنا نتساءل هل وصل أي أديب عربي لشهرة الفرنسي غيوم ميسو الذي انتشرت رواياته المختلفة في أغلب دول العالم، مع العلم أن موراكي وميسوا لم ينالا جائزة نوبل بعد.
من هنا نقول الجائزة حلم كل أديب، ولكن الحلم الأكبر هو الوصول ليد كل قارئ في العالم، بكل تأكيد الجائزة تساعد على ذلك، ولكن تبقى الجائزة حلماً، والواقع يحتم إعادة النظر في صناعة الكتاب، التأليف والطباعة والنشر ومن ثم التسويق للوصول ليد القارئ العربي، ثم الترجمة للوصول للقارئ بأغلب لغات العالم، وهنا التحدي.
إبداع الكاتب هو الأساس، والإقبال على قراءة ذلك الكتاب هي الخطوة الأولى، ومتابعته نقدياً والتعريف به هو الخطوة الثانية، وترجمته بصورة جيدة ليصل الإبداع للقارئ الأجنبي هي الخطوة الثالثة، وبعد ذلك ترسيخ اسم المبدع لدى ثقافات العالم، بحيث لا تكون رواية المبدع العربي عند القارئ الغربي جزء من قصص الشعوب، بل عمل إبداعي حقق العالمية.