د. صالح بن سعد اللحيدان
يقال:
1 - اجتهد / بذل على وجه مطلق.
2 - اجتهد / أعطى بجهده.
3 - اجتهد / بذل الوسع والطاقة.
4 - اجتهد / نصح بقوة وحكمة.
5 - اجتهد / توسع نظره بجهد حكيم.
6 - اجتهد / توصل إلى مراده بعد جهد في مسأله أو مسائل.
7 - اجتهد / قر قراره بعد بذل واسع على حكم معين أو رأي ليس له مخالف.
ولعل هذه التعريفات مؤداها واحد وإن اختلف اللفظ بين هذا وذاك.
وكلها يعني كل ما يبذل فيه الجهد.
وأحسن شيء في هذا الباب جعل الباب مفتوحاً لاختلاف العقول ما بين قوي ومتوسط أو وسط أو محدود السقف العلمي وهذا جهده.
وإنما يكون القريب من الحق ممن عرف صاحبه بكمال العقل حسب التجربة وقوة الأمانة ودقة النظر وقوة الاستيعاب وعدم اللجاجة.
والذي يعنيني في هذا كما يعنيني في سائر طرحي من المسائل العلمية والعقلية المستجدة وحسب دراساتي المتطاولة واستشفافي لحالات كثيرة عقلية ونفسية وسلوكية ممن جالستهم أو زاروني أو هم أرادوا طلب المشورة أو ممن قرأت تراجمهم خلال أزمان سلفت،
الذي يعنيني هنا وآمل أن لا يكون ضربة لازب أن الخلط الحاصل اليوم بين وجهة النظر والملاحظة والتعقيب العلمي الدقيق وقوة الحضور العلمي والإصرار على وجه واحد أن هذا الخلط زعزع حقيقة الاجتهاد،
أقول الاجتهاد نوع آخر فغالب صفات المجتهد أنه:
1 - ذو أريحية جبلية .
2 - واسع البال .
3 - فطن وواع وحذر.
4 - يفصل ويبين لكن بسعة بطان أما بدليل صحيح أو بتعليل يقبله حتى الخصوم لشبه كمال حقيقته.
5 - واسع الإطلاع يدرك ما لا يدركه غيره لكنه يتطلف فإذا علم أنه لن يفهمه أحد انسحب ذلك لأن المجتهد بطبعه (موهوب) فهو يميل إلى الانطواء شيئاً فشيئاً.
مشكلته خلال العصور المتعاقبة أن قد لا يفهمه إلا اللذين حوله ولهذا قد يساء به الظن ومشكلته الأخرى أن قد يقع في دائرة الحسد من قبل قريب (وهذا كثير) أو (زميل) أو صاحب ولهذا تنبه كثير من الساسه لهاتين الصفتين فكانوا يحمون هذا النوع بصورة سرية قد لا يدركها هو وكانوا يرجعون إليه دون تنبه منه .
أما تلك الصفات التي يحسن بي إيرادها وهي قد تستغرب لكنها ذات اعتبار جيد في مسار تراجم وحالات المجتهدين فأول ما يلاحظ عليه:
1 - أنه معاند.
2 - وقد ينشيء حوله عداوات لكنها لا شعورياً تكون من باب الإعجاب به كيف يصبر؟ كيف يكتب؟ كيف يجتهد؟
3 - غالباً يميل هذا النوع إلى السمرة الفاتحة.
4 - يميل في صورته الظاهرة إلى الملاحة وجذب النظر إليه.
5 - خفيف الشعر خاصة العارضين .
6 - قد يشكل الصلع لدى المجتهد أعني الموهوب قرابة خمسين في المئة.
7 - ينفر من البهرجة وحب الصيت فهو يميل للسكوت كثيراً مالم يلح عليه أو يعزم عليه ولي الأمر حتى وإن لم يكن يرغبه .
8 - يبتعد عن المشاحنات وقد يوصف بضعف الشخصية ويوصم بها وقد يتجنبه الآخرون جهلاً بحقيقة غوره ومع هذا قد يكون عرضه للقيل والقال.
ولعله من الصعب على الباحث الوقوف على ترجمة المجتهد مالم يؤت حظٌ من العمق والتجربة والدراية النفسية التجريبية ووفرة القياس العقلي وإلا فإن الذهبي في كتابة السائر (تذكرة الحفاظ) فهي وفرة وافرة من المجتهدين الذين لهم بصمة في التاريخ لكن كما ذكرت آنفاً أنه لا بد للباحث من صفات حري بها أن تكون ولا جرم ففي السياسات العليا للدول المعاصرة يمثل هذا حاجة ملحة للكشف عن هذا النوع في الزوايا، زوايا بيته أو مكتبته أو زوايا نفسه بما يظهر عليه من بساطة وتواضع ففي هذا مكسب خالد قد يختصر العلم والآراء والتنظيرات.
فوجود مجتهد واحد ممن ذكرت الحال عنه قد يغطي العدد الوافر من كثير سواه .
ولعل من نافلة القول ما هو حري أن أذكره مما وقفت عليه في مثل هذا أن هذا النوع من المجتهدين في حالة تبسطه وانشراح صدره مع الخاصة به أو مع من يمون عليهم أنه يميل للدعابة ليسلي نفسه مما يعانيه من تجاهل وإن كان ليس هو بحاجة إلى هذا لكن هذا جرى من كثير من المجتهدين كحال بعض الصحابه كجليبيب وعبدالله بن حذافة السهمي وكأبي هريرة وسواهم والإمام التركماني والليث بن سعد وعد ما شئت.
ومن غرائب المجتهد من هذا النوع أنك تعجب كيف يولد الرأي البكر من نص صحيح لم يسبقه إليه غيره إذاً فهذا النوع حسبك به من نوع .