عندما كنا في أوج الطفولة وبداية تكوين الأسئلة، كُنّا نأتي من مقاعد الدراسة إلى مقاعد مشاهدة التلفاز.
مسلسل «افتح ياسمسم» كان يحكي لنا كيف أن نعبّر عن مشاعرنا وآرائنا بلغة عربية فصيحة، و»المناهل» كان يعلمنا نطق الحروف وكتابة العبارات بشكل صحيح، كان يعلمنا كيف أن نتحدث بثقة وعمر ناضج يختلف عن شكل ملامحنا الربيعية.
كان مسلسل «حكايات عالمية» يحكي لنا القصص الأدبية، ويجعلنا نعيش في باطن رواية المؤلف، ونتقمص شخصيات الرواية بشكل جيد..
في إحدى الحلقات كانت تتحدث الحلقة عن رواية «البؤساء» للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو التي تروي مشاهد يومية مؤلمة عن الحياة الفرنسية خلال القرن التاسع عشر الميلادي.
مثلاً تعلّمت شخصياً من شخصية السجين «جان فالجان» أن الإنسان الذي يدخل السجن ليس بالضرورة أن يكون شخصاً سيئاً، تعلمت أن نعطي فرصة التغيير للمرء وأن نؤمن بذلك.
تعلمت من الشخصية «كوزيت» أن الفقر شيء موجع جداً وأن الفقراء ليسوا جميعهم سيئين بتلك الدرجة التي يضعها المجتمع لهم.
مسلسل «صاحب الظل الطويل» الكرتوني المقتبس من رواية «أبي صاحب السيقان الطويلة للكاتبة الأمريكية جين ويبستر» الذي يروي قصة الفتاة اليتيمة جودي ابوت التي تحصل على منحة للدراسة في ثانوية لينكون من شخص لا تعرفه يدعى جون سميث هو نفسه صاحب الظل الطويل لأن جودي لم تلتقيه سوى عبر الظلّ والرسائل، هذه القصص التي نشاهدها كُتبت بشكل أدبي فريد، كُنّا نتعلّم منها الكثير وتبني أفكارنا بطريقة ثقافية جميلة.
كانت وسائل الترفيه قبل 15 عاماً من الآن تجعل من الطفل شخصية قادرة على أن تكون مثقفة فكرياً نوعاً ما. وسائل الترفيه حالياً تعتمد بشكل كبير على المدارس ومن ثم وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
على سبيل المثال: برنامج انستقرام، هناك الكثير من الأطفال اكتسحوا هذه الحسابات وصنعوا شهرة غريبة، يملكون الذكاء ولكن في مسار آخر مختلف تماماً، ماذا لو عاش هؤلاء الأطفال في زمننا ماذا كان سيمكن أن يقدموا للمجتمع والأطفال أقرانهم؟
أعتقد أنه لو تم توجيهم للطريق المناسب وبقيادة مهاراتهم في التحدث فذلك سيصنع الكثير.
نحن بحاجة إلى كُتاب حقيقين حتى نشاهد إبداعاتهم في قالب مشهور وتطبيقات عبر الهواتف الذكيّة تحمل مثل هذه القصص تتمحور في وسائل جذب مميزة. أطفالنا اليوم مثقفون، ولكن ثقافتهم التي يملكونها لا تستطيع أن تصنع منهم سوى كاركترات كوميدية سخيفة بعض الشيء لا فائدة منها سوى الضحك دون استخدام للعقل.
الخلاصة من هذه المقالة هي أننا بحاجة ماسّة لتغيير أو صنع المراجع التي يستقي أطفالنا منها نمو عقولهم وقوة تفكيرهم، الجيل الآن قادر على فعل الكثير من الأشياء التي لا نتوقعها، عقولهم أصبحت تتغذى أسرع من السابق، لديهم القابلية للظهور بثقافة تُعطيك عمراً أكبر بكثير من الشكل الذي تراه أمامك، لذا يجب علينا أن نعيد النظر في استثمار هذه العقول الصغيرة جيداً فالثقافة العلمية تحتاج إلى التغذية السليمة لإنتاج مُبهر، وصناعة طفل مُثقف..
** **
آمنة العبدلله - أمريكا