فهد بن جليد
لا أعتقد أنَّ هناك مبرِّراً -غير الجشع- لمُحاولة بعض الشركات الكبيرة الكذب علينا -إن جاز لنا التعبير- بإضافة عبارة (زمان) للترويج لمنتجاتها في شهر رمضان وغيره بهدف دغدغة مشاعر المُستهلكين وعواطفهم! هذا أمر مُزعج على طريقة (فول زمان، لقيمات زمان، لبن زمان، زبادي زمان، نكهة زمان ..إلخ)، القضية ليست تقديم مُنتجات ذات خاصية ترتبط بحقبة زمنية سابقة، بقدر ما هي استغلال تجاري للحنين وما يعلَّق في الذهن من ذكريات، واللعب على هذا الوتر النفسي بصبغة تجارية بحتة، حتى لو لم يكن للطعم أو النكهة أو الطريقة أي علاقة بزمان وريحته، وهنا أقترح مواجهة هذا الاستغلال وضبطه بمعايير ومقاييس مُحدَّدة، للتأكد من المُبرِّرات لهذا الوصف، وربما فرض رسوم إضافية لاستخدام مثل هذه المُسمَّى الترويجي، بما لا يؤثر على سعر المُنتج للمُستهلك النهائي.
على ما أذكر أنَّ هذه التقليعة التسويقية، جاءت من الباعة المُتجولين لبعض (المشروبات الحجازية) في الشوارع خلال رمضانات ماضية، قبل أن تغزو أرفُف المولات وتظهر كصبغة تجارية على كثير من أغلفة المنتجات, ومن المُضحك المُعِّيب أنَّ مُعظم هؤلاء التجار يتذكرون (طعم زمان)، ولكنَّهم يتجاهلون (سعر زمان)!
لم نعرف في السوق السعودي -باستثناء شركة أو شركتين- أنَّ هناك مُنتجات عادت إلى (سعر زمان) كحملة ترويجية ولو لفترة محدودة، أو كنوع من مُشاركة الصائمين في شهر العطاء والخير، مثل هذه الثقافة الذكية لا يمكن أن يجلبها مستشارون أجانب تعتمد عليهم شركاتنا التجارية للتسويق والعلاقات العامة لأنَّ همهم الأول ببساطة (الكسب المادي) على المدى القصير، لتحقيق الرضا الوظيفي والحصول على المُكافأة السنوية (Bonus) -وإن كان هذا الأمر مشروعاً- إلاَّ أنَّه يأتي على حساب الصورة النمطية التي تتشكل لدى المُستهلك المحلي، الذي لم تعد تنطلي عليه مثل هذه الحيِّل بسهولة، نتيجة انفتاحه على العالم واطلاعه على الخيارات والأفكار الترويجية المُغرية التي يحصل عليها المستهلك الأجنبي من تُجاره، ومقارنتها بواقعه الاستهلاكي -غير المُرضي-، أرباح اليوم ليست مضمونة على طول الطريق، هذا ما يجب أن يفهمه من يحاول استغلال حاجتنا الاستهلاكية، ففي أقرب فرصة تنافسية في السوق سيخسر هؤلاء (ولاء المُستهلك) لأنَّهم لم يعملوا على ذلك، و سيكون الخيار المتوقع البعد عن الجشعين، الذين لن تحميهم أسماؤهم التجارية حتى لو كانوا من (تجار زمان).
وعلى دروب الخير نلتقي.