فيصل خالد الخديدي
من الظلم اختصار مسيرة فنان في مقال عابر أو موضوع سريع, والأشد ظلماً من ذلك تهميش سيرة قامة فنية ومسيرة مختلفة ومنجزات متجاوزة امتازت بالعمق والمغامرة والتجديد ,وعدم الإشارة لملمح من عطاء فياض لفنان مختلف فكراً وإنتاجاً, الفنان بكر شيخون من فنانين الجيل الأول في مسيرة الفن التشكيلي السعودي, ويعتبر من أوائل الفنانين السعوديين الذين خرجوا بوعي من إطار اللوحة المسندية إلى فضاء أرحب من المغامرة ,بوجدان فنان ومفهوم مفكر وأطروحات فيلسوف واستبصار عراف ,فسبق بطرحه العميق زمنه واستحضر حواس المتلقي جميعها للتفاعل مع صدمة أعماله ودهشة طرحه فهو يبحث في العمق ويلامس الوجدان والفكر بشكل واعي لما يقدم فهو القائل عن أعماله (كانت أعمالي في وقت مبكر تبحث عن الجمال في الناس و الأشياء, ولكن الآن أجد أنها تعبر عن شيء مختلف: إحساس البصر و العواطف و الأفكار المرتبطة به. هدفي هو التعبير عن شيء أعمق من الانطباع السطحي).وبعبارته هذه عن أعماله أختصر مسيرة أنتقل فيها بين الأعمال ذات البعدين في البدايات والتي مزج فيها بين الحرف العربي والزخرفة الإسلامية ورسم شخوصه في توليفة رزينة ومتزنة وبملامس تنوعت بين البارز والغائر ,وانتقل بعد ذلك بوعي الفنان المغامر وروح المبدع المجدد إلى فضاء أرحب وأفق أوسع من التجريب والبحث في جوهر المفهوم فكانت أعماله صادمة حد الدهشة وعميقة مثيرة لسيل من الفكر والبحث ,بمجمل أعمال بنيت على فكر في عصر كان الفنانين لايزالون يبحثون في الخامة وإمكانياتها وأبجديات تجاوزها بكر بطرح راق تقدمي فاق مايقدم حتى في عصر الانفتاح الذي تعيشه الساحة اليوم, فقدم أعماله على هيئة مشاريع فنية فكرية فلسفية اعتمدت على المفهوم كان منها (السلم المقلوب، آلة الفُشار، الكرسي والبيضة، حجرة التنفيس، أوراق التقويم، سيمفونية النغمة الواحدة، أمجاد يا عرب، مقطع من جريدة يومية، الحذاء والشاشة المكسورة... وغيرها من المشاريع الفكرية الفنية) واستكمالا للدور التنويري للفنان بكر أصدر عام 2007م وثيقة إبداع في كتاب عنونه (حكايات تشكيلية)...بكر شيخون فنان مختلف أمتلك عمق الطرح وفخامة التعبير ولايزال يستحق الكثير من التقدير.