زكية إبراهيم الحجي
تهنئة لجميع القراء الكرام بحلول شهر رمضان المبارك.. شهر العبادة والطاعة.. والرحمة والغفران شهر العطاء والتكافل الاجتماعي أسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً.. وطوبى وهنيئاً لمن أعد عدته وجهز نفسه لهذا الشهر الكريم.. وعزم على أن يجعل منه فرصة لإصلاح النفس وتهذيبها وتطهيرها من كل آفة تبعده عن مرضات الله.
عطفاً على المقدمة السابقة ما أحوجنا إلى بعض الاتكاءات التي قد يغفل عنها الكثير منا خاصة في هذا الشهر المبارك لذلك وددت أن أذكر نفسي وغيري بها من خلال هذه المساحة.
أولاً.. لا يعلم أحد ما يناسب أي شخص معين سوى نفسه.. لذلك جميل أن يبقى الإنسان في لحظة تأمل بعيداً عن ضجيج الحياة الصاخب لحظات يستمع فيها إلى ذلك الصوت الخافت الذي ينبع من داخله كما لو كان صوت أحد والديه.. إن هذا الصوت النابع من الأعماق هو أكثر أجزاء الذات صدقاً.. هذا الصوت الخافت الدافئ يُشعر صاحبه بالراحة والسعادة.
ثانياً.. اجتمع قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدت في ابن آدم من العيوب فقال: هي أكثر من أن تحصى والذي أحصيته ثمانية آلاف عيباً ووجدت خصلة إن استعملها كل إنسان سترت العيوب كلها قال: ما هي أجاب.. حفظ اللسان.
ثالثاً.. حين يقع أحدهم في خطأ ثم يكرر ارتكاب نفس الخطأ فهو إما لا يدرك أوجه التشابه بين المرتين أو يظن أن المسألة لا تتعدى كونها «قدر» قد يحالفه الحظ صدفة.. إلا أنه غالباً لا يكون الأمر سوى نوع من السذاجة وعدم تعلم الدرس.. عليك أيها الإنسان أن تدرك أن الزمن يلقن الدرس مرة أخرى.
رابعاً.. الاستهلاك ثقافة عصر العولمة التي جعلت من التنافس على مظاهر الحياة المادية بمثابة المارثون الذي ينبغي على الجميع خوضه ذلك السباق لا يخرج منه أحد منتصراً إنما العنوان لهذا المارثون هو «الخسارة للجميع» لذلك علينا أن ندرك تماماً أن المأكولات والبضائع وجميع الكماليات التي تأتينا من الخارج تحتوي على فكر وسلوك مغاير لهويتنا ولطالما شاهدنا ذلك متكرراً في إعلانات ودعايات متنوعة وجذابة تسحر عين المشاهد.
خامساً.. هناك من يصارع ألم الفقر بلغات مختلفة.. وإحدى هذه اللغات الصمت.. فقراء صمتهم صرخة استغاثة مرهقة.. ترى كيف لأعينهم أن تكون نافذة مفتوحة ولا ينتبه لهم أحد أو يُنتبه لهم ويتم تجاهلهم.. يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: أعطوا من نفوسكم وأموالكم وأشعروا الفقراء أنكم إخوانهم وأنكم مثلهم وانزلوا إلى مكانتهم لتدفعوا لهم الصدقة يداً بيد ولا تلقوها عليهم من فوق.. فإن صرة الذهب إن وُضعت في يد الفقير أغنته.. وإن ألقيت على رأسه من الطبقة السادسة قتلته.