شريفة الشملان
صباح أول يوم من رمضان صباح الخير والجمال والذكريات الجميلة، صباح روائح المسك والعنبر.. رمضان ركن أساسي من ديننا الإسلامية ومن ثقافتنا المحلية، شهر الحب والتسامح وشهر الصيام والقيام، شهر تلاوة القرآن وتدبره.. شهر واحد في العام، مقابل أحد عشر شهراً، وهو يعلمنا الصبر والرفق والتدبر.
شهر لابد أن يعيدنا ذكريات الطفولة وصوت المؤذن لصلاة المغرب، حيث الإفطار، قبل ذلك بقليل تعرف الأطباق طريقها لفقير بالحارة أو مساكين يقيمون في المسجد، وما بين تمر ولبن وهريس وجريش.. وتتخاطف أرجلنا القصيرة هنا وهناك لنصل قبل الآذان.
عندما نتذكر رمضان تنهال علينا ذكريات أيامه الجميلة ولياليه بنورها الذي يدخل لبّ القلب وأصوات التراويح والقيام، ورائحة البخور تغمر البيوت والمساجد.
هل تغيّر رمضاننا وتغيّر جزء من هويتنا وثقافتنا الرمضانية، هذا ما يجعل جيلي يشعر أن الدنيا دارت بشكل قوي وسريع، حيث انقلب رمضاننا إلى شيء آخر، يجعلنا نشعر بغربة كبيرة وسط عالم متحرك بسرعة، ونكاد من كثر لفه فينا نفقد توازننا ونخشى السقوط.
صعب علينا أن ندرك كل هذا الكم من البرامج والمسلسلات، وندرك أنها ستعاد فيما بعد رمضان فلماذا لا يؤجل عرضها لما بعده أصلا فيساهم الفن معنا في أكرام هذا الشهر، ليس ذلك فقط إنما تساهم أيضاً بعض المؤسسات في وضع برامج لليلة ترفيهية، لا بأس بالقليل منها بعد التراويح، ولكن في العشر الأواخر لابد من إيقافها تماماً، فهو ضيف خفيف أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.. فلماذا لا نسعى لها ويبقى رمضان الهوية المميزة لنا.
جمال رمضان في التعبد وفي حب الخير لذا نرى أن الجميع يتسابقون لفعل الخير أغنياء ومتوسطي الدخل وتعمل الجمعيات الخيرية بتكاتف شديد لجمع الأرزاق وما أليه قبيل رمضان لتوزعها على أسرها قبل دخوله، وما نتمناه أن يستمر مساعدة الفقير ليس برمضان فقط، وإنما طوال العام كما تقوم به جمعية إطعام.. وأن لا يشبع إنسان وله سابع جار جائع، وبمناسبة الشبع، أتمنى أن يكون رمضاننا فرصة لتقنين الأكل ولا نطعم القمامة الأكل بأي حال من الأحوال.
التسامح جزء أساسي من ديننا وفي رمضان أكثر.. (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) وأيّ كريم ورحيم أكثر من الله، لذا فالتسامح إن كان مطلوباً دائماً ولكنه في رمضان أكثر.
وأخيراً.. اللهم صوم جميع البشر عن فعل المعاصي وصومهم جميعاً عن الحرب والضرب وتخريب الديار وتشريد أهلها، اللهم أقهر الغل والحقد والحسد، وأجعل اللهم التكافل والتعاضد لجميع المسلمين صفة لا تتنحى على اختلاف أشكالهم ولغاتهم وديارهم.
اللهم إن رمضان معلِّم لنا فاجعلنا تلاميذ نجباء، فتبقى دروسه ما بقينا على هذه الأرض، وأكرمنا برحمتك ومغفرتك واعتقنا جميعاً عن النار.
وكلُّ عامٍ ورمضان سلم وأمان للجميع،،،