ماجدة السويِّح
نشر طالب جامعي أمريكي من بوسطن على اليوتيوب عن تجربته الأولى في الصيام، في البداية كانت تجربته سهلة ومثيرة، لكن بعد مضي 15 ساعة بدأت طاقته تتناقص، ومعها بدأ الإنهاك يرسم طريقاً مميزاً على وجهه، لتكون النهاية صعبة بعد مضي 18 ساعة، حيث استلقى على ظهره في حديقة عامة، في إشارة لنفاد كامل طاقته.
وفي ولاية أخرى دوّن أليكس الطالب بالمرحلة الثانوية تجربته الأولى بالصيام، فبعد سنوات من ملاحظة صديقه المسلم، وحماسه في خوض التجربة، قرَّر التريث خوفاً من طرح الفكرة على صديقه، التي ربما تكون مستهجنة، أو تعبّر عن عدم احترامه للأديان، ليخوض التجربة أخيراً واصفاً إياها بالرائعة والقيمة رغم التعب.
الدعوة لتدوين التجارب بدأت قبل بزوغ هلال رمضان عبر وسم على تويتر Ramadan# وبقية المنصات الاجتماعية، فالصيام بالنسبة لغير المسلمين من التجارب التي ذاع صيتها في السنوات الأخيرة، ووثقتها لنا شبكات التواصل الاجتماعية.
بدأت الاستفسارات تتوالى قبل دخول هلال رمضان، من قبل أشخاص غير مسلمين عن ماهية الصيام، حيث يشهد الإنترنت والموقع الإسلامية زيادة في عدد الزوار من غير المسلمين، للسؤال عن رمضان والصيام، والبحث عن حلول لمواجهة نقص الكافيين لمن يرغب بالتجربة.
فالصوم بالنسبة لغير المسلمين تحد كبير قد يبادر له البعض فضولاً وحباً في تجربة شيء غير معهود، والتعايش مع ثقافة جديدة، وفي أحيان أخرى قد تكون التجربة مدفوعة بحب الشعور بالآخر، المختلف في ثقافته وديانته، في حين قد يعمد البعض لخوض التجربة لفوائدها الصحية، وآثارها الإيجابية على الروح والجسد، بل قد يشارك البعض حباً في التجربة والتعاطف، والتعرّف على الثقافة الإسلامية، مع تزايد حملات الكراهية، والتمييز ضد المسلمين في المجتمعات الغربية.
كما تزخر المدونات والشبكات الاجتماعية واليوتيوب بتجارب لم تكتف بصيام يوم واحد أو أيام معدودة، بل مارست الصيام شهراً كاملاً، رغبة في الإحساس بما يحس به المسلمون خلال الشهر الفضيل، أو طمعاً في الحصول على الفوائد الصحية في الامتناع عن الطعام والشراب، وتدريب النفس على التحكم بالرغبات والشهوات.
التجارب التي وثقها أصحابها كانت جاذبة ومشوّقة، لقراءة التجربة الروحانية بعيون غربية، هي في حقيقتها تأكيد لمعان وقيم موجودة في أصل تلك العبادة، لكن أحياناً بحكم العادة قد يغفل المسلم عن التدبر في معانيها السامية، ورسالة رمضان القيمة في التقرّب إلى الله، والشعور بالتضامن والتكاتف بين المسلمين.
تجربة الصيام لاقت رواجاً بين دعاة السلام والتعايش في المجتمعات الغربية، للتقرّب للمسلمين، كمجموعة أسيء فهمها وتم شيطانتها، بفضل الإعلام المتحيز ضد الإسلام والمسلمين، وربطه بالإرهاب والعنف.
كما أن رواج دعوات المشاركة الرمضانية في الغرب من الجاليات المسلمة أو الطلاب المسلمين، لتناول الإفطار هي بذرة خير وواجهة مشرّفة، لاقت صداً وحضوراً إيجابياً إعلامياً واجتماعياً بين غير المسلمين، الذين يسعدون بتلبية تلك الدعوات، فرمضان فرصة حقيقية للإعلام، وكذلك للفرد على الشبكات الاجتماعية، أن يبرز فيها تلك التجربة الإيمانية، وما تحويه من جواهر وقيم إسلامية سمحة.