د.دلال بنت مخلد الحربي
رغم كل ما تبذله الدولة من جهد كبير للسيطرة على بعض التجاوزات في الحياة العامة من مثل الإسراف في استخدام المياه وهدرها، والإسراف في استخدام الكهرباء، أو ما يتعلّق بالحياة الفطرية، إلا أن الملاحظ أن هناك فئات تظل في غيها دون اكتراث بنظام أو دون خشية من تحمل التكلفة المادية العالية والتي كان من أهدافها إصلاح ملف العادات السيئة والتي كان من أبرزها الإسراف في استخدام الماء والكهرباء ومع ذلك فلا تزال عملية هدر المياه وانسيابها في الشوارع قائمة. وهنا يأتي السؤال:
هل طبّق نظام العقوبات على مثل هؤلاء؟ فإن كان يطبق، فما الذي يدفع بعضهم على الإصرار على الهدر؟ وهذا سؤال كبير تحتاج الجهة صاحبة الصلاحية إلى بحثه، ومعرفة أسبابه.
ومن نماذجه الأخرى ما يتعلّق بالحياة الفطرية، فما شاع هو هذا الإفراط من قبل فئة قليلة في صيد الضب، فقد نقلت مواقع التواصل الاجتماعي، ومقاطع في اليوتيوب ونشرت بعض الصحف صوراً مؤذية عن آلاف من هذا الحيوان تم صيدها بطريقة جائرة لا معنى لها، ومن المعروف أن الضب على وجه الخصوص يتعرّض لصيد جائر في المملكة مما يؤدي إلى انقراضه، ونعرف أن الجهات المعنية بهذا الأمر مثل الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية تولي اهتماماً كبيراً عن طريق الإعلان والتحذير وفرض العقوبات، ولكن نجد استمراراً وبإصرار على صيد الضب بكميات كبيرة دون هدف محدد.
وهنا يرتفع السؤال:
لماذا أقدم أمثال هؤلاء الذين تجاوزوا على البيئة بعملهم مع علمهم بوجود نظام ووجود عقوبات؟
في رأيي المتواضع أن وجود النظام وفرض العقوبات لا يغني بحال من الأحوال عن ترسيخ القيم والمبادئ، وهذه لا تكون إلا في سنوات الطفولة والشباب، عندما يلقن الأطفال ضرورة احترام النظام والقانون، وأهمية الحفاظ على البيئة بحيث تترسخ في نفوسهم هذه القيم فتنشأ معهم ومن ثم تكون هي نبراس حياتهم، في أعماقهم وسلوكهم، وفي الشباب يتم تذكيرهم بها. وتوجيه المخطئ منهم، فهي كما المثل الشعبي (العود على ركّزته).
إن التشديد على معالجة مثل هذه الأمور في إطار القيم والأخلاق مسألة مهمة جداً، وهي التي تؤدي إلى نجاح احترام النظام، وعدم التجاوز والبعد عن كل ما يضر بالمجتمع، ويسهم في تكوين عادات تؤدي إلى الالتزام والاحترام.