د.عبدالعزيز الجار الله
أشرت في المقال السابق إلى أن سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والتراث يقدم طروحات لها التصاق بالتاريخ والتنمية وقد يتفق معه بعض الأكاديميين والباحثين أو لا يتفقون، وتبقى آراء علمية قابلة للنقاش.
هذا النقاش جاء نتيجة إعلان الأمير سلطان من اليابان عن (اكتشاف آثار أقدام إنسان في صحراء النفود تعود لأكثر من (85) ألف عام مما يعد اكتشافاً مدهشاً ونادراً جداً يظهر اتساع انتشار الإنسان خارج إفريقيا ووصوله إلى شبه الجزيرة العربية ضمن مناطق الهجرات البشرية الآخرى)، وطروحاته أخرى عديدة لتشخيص التاريخ الحضاري للسعودية والجزيرة العربية.
هذا الكشف الذي أعلنه رئيس هيئة السياحة والتراث في صحراء تبوك في أطراف النفود الكبير سيفتح الباب مع اكتشافات أخرى في الجوف الشويحطية شمال غرب سكاكا، والدوادمي شمال غرب الرياض، وفي السليل والخماسين جنوب منطقة الرياض على أطراف الربع الخالي، يفتح النقاش حول قدم الاستيطان، وأن أقدم المستوطنات تمت عند أكبر التجمعات الرملية في المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية وهما: الربع الخالي والنفود الكبير.
الملاحظة هنا الإشارة المباشرة بالقول: (يظهر اتساع انتشار الإنسان خارج إفريقيا ووصوله إلى شبه الجزيرة العربية ضمن مناطق الهجرات البشرية الآخرى).. هذا القول وفِي هذه المرحلة البحثية قد لا يكون مناسباً، حتى وأن أكدت بعض الآراء العلمية أن الاستيطان الأول كان في شرقي إفريقيا، وأن الهجرات البشرية والحيوانية تمت من شرقي إفريقيا إلى شمال الجزيرة العربية منها للشام والعراق قبل آلاف السنين من حفر قناة السويس.. لكننا ننتظر من الأمير سلطان كما تبناه سابقاً في طروحات عديدة: أن يرى السعودية والجزيرة العربية من الداخل من جبال مكة المكرمة العظيمة من المرتفعات الغربية جبال أبها وجازان وجبال الحجاز وجبال العلا وتبوك، وهضاب نجد ونجران وحسمى، ورمال الربع الخالي والنفود الكبير والدهناء.
الدراسات والتحليلات كانت تأتينا من خارج السعودية والجزيرة العربية، وتحاول أن تقدم التفسيرات، ونحن نتلقى تفسيرات وآراء الغير التي تتحدث من منظورها، والأمير سلطان رئيس هيئة السياحة والتراث يملك القدرة الثقافية في تفسير وفلسفة البعد الحضاري للسعودية من الداخل.