غسان محمد علوان
لم يعد هذا الاسم اسماً عابراً، ولا مجرد لاعب كآلاف اللاعبين الذين يسقطون من الذاكرة لحظة انتهاء موسم استثنائي عابر. فقد كتب ابن النيل اسمه بحروف من ذهب في صفحات تاريخ أعرق المنافسات الرياضية (الدوري الإنجليزي لكرة القدم) وعبر أحد أكثر أنديته عراقة وشهرة وتاريخاً (ليفربول).
فبانتهاء الجولة الأخيرة، توّج صلاح موسمه الاستثنائي كأفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وأضاف له لقب هداف الدوري بتسجيله 32 هدفاً كرقم تاريخي لم يصل له أي من أساطير كرة القدم الذين مرّوا على الدوري الإنجليزي. فقد تجاوز بهدفه الأخير الإنجليزي ألان شيرر والبرتغالي كريستيانو رونالدو والأوروغوياني لويس سواريز الذين توقفت أهدافهم عند حاجز 31 هدفاً في الدوري.
ليس هذا وحسب، بل إن الملك المصري (كما يحب جمهور ليفربول تسميته)، قد سجَّل رقماً قياسياً آخر بتسجيله على 17 نادياً مختلفاً في الدوري من أصل 19 نادياً واجهه فريقه في موسم واحد.
كل هذه الأمور لم تتحصّل صدفةً، ولم تكن إحدى لحظات الحظ الصارخ الذي قد يبتسم لك دون سابق إنذار. فمحمد صلاح ابن الخامسة والعشرين يلعب الآن في محطته الخامسة في مسيرته الاحترافية الخارجية، فمن بازل السويسري إلى تشيلسي الإنجليزي إلى فيورنتينا وروما الإيطاليين إلى أن وطأت قدماه أرضية الانفيلد. هذه الخبرات التراكمية وما صاحبها من تعب وجهد وإحباط وفرح إضافة إلى موهبة نوعية حقيقية، أنتجت لنا كل ما نراه الآن بعد توفيق الله أولاً آخراً.
فللنجومية خطوات يجب أن تخطوها، وللمجد عتبات يجب أن ترتقيها واحدة تلو الأخرى. فلا يوجد في قاموس كرة القدم نجم يسقط من السماء فجأة.
أجمل ما في نجومية محمد صلاح، أنه فرض كل ذلك بأخلاق عالية وتعامل راقٍ وتواضع جم. فلم ينزلق لمحاولة تقليد الآخرين أسلوباً وهيئة وتعاملاً، بل تعامل بأسلوبه الخاص الجميل فأرغم البقية على الاقتداء به ومحاولة التشبه به أسلوباً وفعلاً.
محمد صلاح حدوتة مصرية عربية جميلة، نتمنى من شبابنا ولاعبينا قراءة أحداثها بكافة تفاصيلها. ففيها من العبر والدروس ما يمكنه أن يكون منهجاً لشبابنا العربي الحالم بنجومية عالمية حقيقية يتناقلها الجميع بحب وإعجاب.
شكراً محمد صلاح، ففخرنا بك لا حدود له.