فهد بن جليد
لماذا يتجه الكثير من الآباء لإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة في المرحلة الثانوية تحديداً؟ سأحاول الإجابة بشفافية -راجياً أن لا يُغضب رأيي أحداً- الهدف السائد الذي نسمعه يتردد كثيراً، هو البحث عن مُعدل أعلى، وضمان تخرج الطالب بتقدير مُشرِّف (برعاية واهتمام المدرسة) وما بين المعكوفين لا يعني اتهاماً لأحد، بقدر ما يوضح الدَّلال والعشم الذي يتطلَّع له الطالب في المدرسة الخاصة في أعمال السنة، والاختبارات الشهرية، والاختبارات النهائية, وفي النهاية يخرج بعض الطلاب بشهادات ومُعدّلات مُرتفعة يُنافسون بها أقرانهم خريجي المدارس الحكومية ليتفوقوا عليهم بالورق فقط.
بعيداً عن جدل (اختبارات قياس) وما تكشفه عن مستوى الطلاب، ورغم وجود بعض السلبيات في المدارس الحكومية، إلاَّ أنَّها تبقى -برأيي- المحكَّ الحقيقي لمعرفة مستوى الطلاب في المرحلة الثانوية، وهذا لا يعني عدم وجود مدارس أهلية تقدم مادة تعليمية احترافية، وتُخرِّج طلابًا على مستوى وتأهيل عالٍ، ولكن هناك فرق كبير واضح لصالح مُخرجات المدارس الحكومية لأنَّ تعليمنا الأهلي (في الغالب) لم يصل إلى معايير الجودة العالمية لهذا النوع من التعليم، وحجم استثماراته الباهظ التي يتطلبها للحصول على المُخرجات المطلوبة، يبدو أنَّنا بحاجة إلى إعادة فهم دور التعليم الأهلي في مُجتمعنا، وكيف يجب أن ننظر إلى مُعظم المدارس الأهلية غير المؤهَلة أصلاً التي لا تملك استثمارات كافية, ولا إمكانات نموذجية في المباني والبيئة التعليمية، ولا مؤهلات أعلى من نظيرتها الحكومية لطواقم التدريس، مما يُعيدنا للمُربع والاتهام الأول بأنَّ هذا النوع من التعليم في عالمنا العربي وإن بدا مُهتماً بالظاهر والشكل التعليمي، إلاَّ أنَّ هدفه استثماري ربحي بحت في المقام الأول على حساب جودة التعليم، بينما يجب أن يكون هدفه تعليمياً قبل كل شيء.
مُبادرة (المدارس المُستقلة) التي ستشمل العام المُقبل 25 مدرسة حكومية ليكون تشغيلها من قبل القطاع الخاص في تجربتها الأولى، ويتولى الإشراف عليها قطاع التعليم، هي الحل الذي نُعلِّق عليه الآمال بتغيير معالم وخريطة التعليم في بلادنا نحو الأفضل وفق رؤية المملكة 2030, لدمجها بين ذوي الخبرة التربوية والتعليمية من المؤهلين في القطاع الخاص، وبين بيئة مدرسية حكومية جديدة ومُتميزة، ممَّا سيرفع كفاءتها التشغيلية وجودة مُخرجاتها ومرونة إدارتها، لتكون البديل النموذجي المُستقل للتعليم الجيد في المنطقة, شريطة أن تنجح الوزارة أولاً في اختيارها للمُشغلين.
وعلى دروب الخير نلتقي.