«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كانوا كثرة في تلك الليلة ضمتهم كالعادة جلستهم «الأسبوعية» في مزرعة كبيرهم الذي علّمهم الود والوفاء والاهتمام باحترام موعد جلستهم، فلقد تجاوز عددهم هذه الليلة تسعة أشخاص. أصغرهم سناً كان أحد أبناء «الأصدقاء الأوفياء» فهو لم يتجاوز عقده الرابع والذي جاء مرافقاً لوالده. وبعدما شاهدوا نشرة أخبار التاسعة في تلك القناة الفضائية الشهيرة. طرح كاتب هذه السطور على بعضهم على تساؤله الوحيد: كيف يرى كل واحد منهم تجربته في الزواج بعد هذا العمر خصوصاً أن بعضهم قد مضت عليه خمسة عقود وبعضهم أكثر وهو يعيش حياة سعيدة مع أم أولاده ما شاء الله وتبارك الله. وبداية أجاب كبيرهم السيد صالح فقال: الحياة الزوجية مثل هذا البستان تهمله ولا تعتني به فسوف يأتي اليوم الذي تجد فيه الأشجار والنخيل قد ذبلت وتربته باتت صبخة. على الزوجين ومنذ البداية الاهتمام بكل ما له علاقة برعاية هذا البستان. ولا شك أنني مثل غيري تعرّضت حياتنا الزوجية لمشاكل وتحديات ومواقف خصوصاً أنني كنت أعمل خارج المنطقة وزوجتي تقيم في بيت والدي - رحمها الله- ولكن أم فهد كانت زوجه عاقلة وتحمّلت الكثير وصبرت على الخدمة في بيت والدي والذي كان لديه زوجة أخرى غير والدتي.. لكن علاقتنا وحبنا لبعض جعلها تتحمّل كل المتاعب من أجل المحافظة على حياتنا الزوجية خاصة وقد رزقنا الله بالابن فهد.. والاهتمام بتربيته والعناية به امتص منها الكثير من همومها ومتاعبها مع زوجة الوالد.
الحياة الاجتماعية
أما أبو راشد وقد مضى على زواجه 38 سنة تقريباً فيقول: يكذب من يقول لك إن الحياة الزوجية ليست فيها متاعب أو مشاكل فهي جزء من الحياة لكن هذه الحياة تحتاج منا للصبر والتحمّل خصوصاً أننا جيل عشنا متاعب الحياة وظروفها القاسية لقد مضت علينا عقود ونحن نوفر من أجل سداد قيمة أرض بيتنا التي اشتريناها بالديون وكذلك سداد الأقساط التي ترتبت من خلال البناء والتأثيث وبعد ذلك مصاريف الأسرة ومحاكاة الحياة الاجتماعية التي يعيش فيها الأقارب والمعارف على الرغم من أننا أكثر تحفظاً وتوفيراً وحتى ترشيداً لكن وأقولها بصراحة - قالها وتكاد مشاعر الأسى والحزن تقفز ما بين كلماته- نعم كاد يقع بيننا انفصال بل وحتى خراب كيان أسرتنا لولا تدخل والد زوجتى الذي كان حكيماً وعالج ما حدث. والحمد لله ها نحن تخطينا مختلف العقبات وكبر الأبناء وها هم يشاركوننا - ولله الحمد - في توفير الحياة الكريمة لنا، فرواتبتا ومع كبر حجم الأسرة باتت لا تكفي مثلنا مثل كل الطبقة المتوسطة وأصحاب الدخول المحدودة.
أمنية كل أب
أما أبو سارة والذي لم يرزق بأبناء وهذه إرادة الله فقال: لقد مضى على زواجنا - ولله الحمد- 35 سنة. وأنا أشبه الزواج بسفينة تمخر أمواج بحر الحياة المتلاطم ولا شك إن هبت على حياتنا الزوجية عواصف وأمواج عاتية كادت تحطّم سفينتنا من خلال تدخل البعض من الأهل «الملاقيف» والذي يتدخلون بطريقة غير مباشرة وكدنا ننفصل بعد مرور خمس سنوات لأني لم أنجب أبناءً واقترحوا أن أتزوج بأخرى. لكنني كنت وما زلت أحب زوجتى وأنا واثق بأن البنات فيهن بركة وخير مثل الأبناء وإلا لما خلقهن الله، نحن مسلمون وبالتالي يجب أن نؤمن بما كتبه الله لنا. ولله الحمد بناتي الآن موظفات ومتزوجات وناجحات وهذا أهم شيء يتمناه كل أب. وأضاف باسماً وها هي قيادتنا وحكومتنا الرشيدة قدَّرت المرأة حق قدرها وأتاحت لها الفرص وشرعت لها الأبواب واسعة لتعمل وتنتج وتعطي.
عناية ورعاية
وأخيراً التفت للدكتور عبد الرحمن وسألته عن السبب وراء نجاح الحياة الزوجية على الرغم مما يواجه حياة البعض من مشاكل وتحديات ومنغصات الحياة والهموم والظروف فقال وباختصار: من نعم الله على الإنسان المسلم أن ديننا الحنيف زاخر بكل ما له علاقة بالحياة والذي على علم ودراية بتعاليم ديننا الحنيف وما فيه من تعاليم ومفاهيم وتوجيه جميعها تحث على حسن التعامل بين الزوجين الشريكين وكلما كانا سعيدين فسعادتهما مخرج من كل المشاكل والضغوط. وكما قال صاحبنا الشيخ صالح الحياة الزوجية مثل هذا البستان يحتاج إلى رعاية وعناية واهتمام. وعلى كلا الزوجين معرفة ذلك. ولا يمكن أن تجد أسرة سعودية وعير سعودية إلا وواجهت العديد من مشاكل الحياة التي تضاعفت في العقود الأخيرة لكن الوعي والحكمة وحسن المعاملة وطيب العشرة تجعل الحياة تستمر إلى الأبد..