فهد بن جليد
من هواياتي (التطفلية) القديمة قراءة الأرصدة المتوفرة في الأوراق المُتناثرة عند مكائن الصراف الآلي، الآن لم أعد أحرص على قلب تلك الأوراق المُلقاة في طريقي، وأصبحت تكفيني نظرة تطفلية (عابرة) لمعرفة (الرصيد) في شاشة الصراف، ومن ثمَّ البَحلقة في وجه من يستخدمه أمَّامي مع ابتسامة صفراء على طريقة (كلنا في الهواء طفارى) يا الحبيب، فمعظم من يكشخون ويركبون السيارات الفارهة، أرصدتهم (شبه خاوية) على ذمّة (شاشة الصراف)!
مجموعة من مليارديرات العالم قدَّموا مؤخراً جُملة من النصائح للشباب في طريقة جمعهم للأموال، كان على رأسها «تجنب الاستدانة والاقتراض بأي شكل من الأشكال» وأنَّ الاستعانة ببطاقة الائتمان ليست فكرة جيدة على الإطلاق، وأنَّ أفضل خطوة يمكن أن تقوم بها لجمع المال وتوفيره هي البدء فوراً في سداد ما عليك من مديونية مُستحقة، هذه النصائح الثلاث هي سر نجاح الكثيرين من حولنا، وأولى خطوات الادخار الصحيح والسر في سيرة الأثرياء، وأكبر أخطاء الشباب المُبتدئ - الفئة الأقل دخلاً - ممَّن للتو انطلق مشوار حياتهم الوظيفية أو العملية، هو الاقتراض من أجل أهداف استهلاكية وغير ضرورية، يمكن تأجيلها لحين توفر القدرة المالية الكافية، أو اختيار البديل الأقل كُلفة .
أفضل هدية يمكن أن تُقدم غالباً للطفل في المُجتمعات الغربية، هي فتح (حساب ادخار بنكي) له مُنذ الصغر, هذه الخطوة تعتبر ضرورية كجزء من واجب التربية الحسنة عند الأسر الراقية - باقتطاع مبلغ شهري صغير - يتراكم مع الوقت ليستفيد منه الشاب أو الشابة لبدء حياة جديدة، وبسببها يتعلّم الطفل ثقافة الادخار مُنذ وقت مُبكر، ممَّا ينعكس على طريقة تفكيره وإدارته للمال في الحياة بطريقة ناجحة مليئة بالتخطيط وفق الإمكانات المُتاحة، وهذا الأمر مُشَاهد ومُلاَحظ بأنَّه خير مُحفز غالباً عند بعض الأبناء الذين يترك لهم آباؤهم في مُجتمعاتنا (قطعة أرض) أو (استثمار) يستطيع من خلاله أن يختصر الكثير من الخطوات في مشوار حياته، وهي ثقافة تلاشت لدينا على الأقل عند الجيل الأوسط من الآباء (الحاليين) ممن عاشوا تقلبات اقتصادية عديدة، فيما كانت شائعة عند الرعيل الأول من (آباء الطفرة)، وهو ما يجب أن نُفكِّر في إعادته كضرورة حياتية من أجل (جيل الأحفاد) القادم.
وعلى دروب الخير نلتقي.