«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كنت في مركز تموين صغير على بعد خطوات من منزلي وكنت أنتظر دوري في سداد قيمة مشترواتي البسيطة، وكان فتى صغير لا يتجاوز عمره الـ12 سنة قد طلب علبة سجائر لماركة شهيرة، فسلم للبائع ورقة خمسين ريالاً وأعاد له البائع 25 ريالاً. عندما سمعت الرجل الذي يقف بجواري وهو يردد: الحمد لله.. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاه. كنت لحظتها أتصور أن علبة السجائر كانت لوالده أو لشقيقه؛ لكن عندما سرت في طريقي متجهاً إلى البيت شاهدت ذلك الفتى وهو يدخن بشراهة، ورغم أن ظاهرة تدخين الأطفال باتت ظاهرة معاشة في مختلف دول العالم.. لكن ولله الحمد تعتبر هذه الظاهرة محدودة في وطننا الحبيب؛ لكنها والحق يقال موجودة، وكلنا لا يعرف تماماً كيف بدأت هذه الظاهرة تتفشى وتنتشر في مجتمعنا وعلى الأخص بين أطفال وفتيان ومراهقين، ولن أقول أيضاً بين البعض من الفتيات، ولو أن بعض المجتمعات في بلادنا وغيرها ساهمت وبطريقة سلبية في انتشارها بين أبنائهم، فإذا لم يكن يدخن مباشرة فهو يدخن سلبياً بحكم تواجده بجوار والده أو شقيقة، ومع الأيام يحاول أن يقلد أو يجرب وسرعان ما يتعود على التدخين، وكم مرة شاهدت وشاهد غيرى بعض الفتية وهم يجمعون أعقاب السجائر لإعادة إشعالها وتدخينها.. خاصة إذا كانوا من طبقة فقيرة، وعلى الرغم ما تقوم به الجهات المختصة من مؤسسات حكومية وخاصة في التنبيه والتحذير وحتى نشر الإرشادات والمعلومات التي تسببها ظاهرة التدخين، ومع وجود العبارات التحذيرية على علب السجائر إلا أن التدخين مازال مستمراً. وتستمر هذه الظاهرة عندما يدخن الشباب والفتيان داخل «الاستراحات» أو حتى الشوارع.. بعيداً عن عيون الآباء والأمهات والمعارف. لكن عادي أن يدخنوا معاً في «استراحة» تضمهم جميعاً. وبحكم عملي في «العلاقات والتوعية الصحية» سابقاً كنت على علم ودراية بأن نسبة من الذين يدخنون من الشباب يتجهون إلى تعاطي الممنوعات وهي كثيرة في هذا العصر. وجميعنا يعلم كم تكتشف أجهزتنا الرقابية من حرس حدود ورجال جمارك من كميات رهيبة من مختلف أنواع المخدرات ومع هذا نجد هناك من استطاع أن يهرب البعض منها.. وهناك أيضاً من يساهم في ترويجها بين الشباب وحتى الشابات.. والحل الأمثل في القضاء على هذه الظاهرة. التدخين وتعاطي المخدرات هو التركيز على مختلف سبل الوقاية والرقابة.. فمن الأفضل أن يقوم ولي أمر الشاب بزيارة مفاجئة للاستراحة التي يقضي فيها ابنه جل وته.. وليس عيباً لو قام برفقة والد زميل لابنه بتفتيش هذه الاستراحة من باب الاحتياط. ومع أن هذه العملية فيها حرج كبير على الأبناء، لكنه حرج محمود ومقبول أفضل من أن يقبض على هذا الابن أو ذاك، أو تنتشر ظاهرة التدخين وما تولده بعد ذلك من تجربة أشياء أخرى. ومازلت أذكر كلمات أحد الزملاء من الأطباء المتخصصين في مكافحة الإدمان بأن هناك علامات واضحة للمدمن على التدخين وحتى تعاطي الممنوعات. وباختصار بعض المؤشرات العامة أن الشخص يستخدم المخدرات:
- التغيّر المفاجئ في السلوك.
- المزاج المُتقلّب: متعكر المزاج وغاضب وفجأة سعيد ومبتهج.
- الانسحاب من العائلة.
- إهمال في النظافة الشخصية.
- فقدان الاستمتاع في الهوايات، والرياضة والنشاطات المُفضلة الأخرى.
- تغيير أنماط النوم، الاستيقاظ ليلاً والنوم خلال النهار.
- عيون حمراء أو زجاجية.
- كثرة الاستنشاق أو سيلان الأنف وإسوداد الشفتين.