فهد بن جليد
هل لدينا هوس تخزين استهلاكي عجيب في تكديس ما لا نحتاجه؟ يبدو ذلك ظاهراً من حُمَّى نقل أكياس وكراتين المواد الغذائية من رفوف السوبرماركت إلى مستودعات بيوتنا ومطابخنا وتوفير كل ما يلزم لتبريدها وحفظها، وربما تنتهي صلاحيتها ولم نستهلك النصف منها، الأغرب أنَّنا قد نجلب المزيد من هذه الأنواع في زيارتنا القادمة للسوق، المسألة - برأيي - لا ترتبط بالكرم أو البخل، ولا بالغنى والفقر، فحتى أولئك الأقل حالاً لديهم أخطاؤهم في التسوق والتخزين الخادع والخاطئ.
هذه الصفة يبدو أنَّ لها أصلاً مُتجذِّراً في ثقافتنا السابقة عندما كانت الأسواق شحيحة ومُتباعدة، والخيارات قليلة، ولم نستطع التخلص منها، وهو ما لا يتسق مع تطورات العصر اليوم وضرورياته الاقتصادية، وقُرب وتعدد منافذ البيع التي تقوم بتخزين وتبريد وحفظ كل ما نحتاجه بدلاً عنَّا، مع المُنافسة في الأسعار (للقطع الفردية) تلامس أسعار البيع بالجُملة، وخيار أفضل للحصول على مُنتجات تواريخها أحدث وأجدد دوماً، ورغم كثرة النصائح وتعددها يُلاحظ تنامي هذه الظاهرة لدينا, بعكس ما يحدث في المُجتمعات الغربية التي يتعلّم فيها الأطفال مُنذ الصغر (فن التسوّق بذكاء واستقلالية), و(الإنفاق الحكيم) بعيداً عن ثقافة القطيع أو العقل الجمعي في شراء ما يشتريه الآخرون أو يحملونه في أيديهم، المسألة تكمن في فهم ما تحتاجه بالضبط والتخطيط للحصول عليه بأفضل جودة وأقل سعراً.
من يعودون إلى بيوتهم مُحمَّلين بالأكياس والكراتين الفائضة عن حاجتهم، انغمسوا في التسوّق العشوائي - دون تخطيط - لذا عليك أولاً زيارة مستودع منزلك، مطبخك، ومعرفة ما يحوي والكميات المتوفرة، وكتابة قائمة بالمطلوب والالتزام بها، ابتعد عن التسوّق لسد وقت الفراغ، فهذا مضيعة للمال يُغرقك في بحر العروض التي ستنساق خلفها بسبب إغراء الأسعار لمُنتجات زائدة عن الحاجة، احذر كذلك من التسوّق عند الغضب، أو التسوّق وأنت جائع، تذكّر أنَّ ذهابك للسوّق ليس رحلة ترفيه (يُشارك فيها جميع أفراد الأسرة أو الأصدقاء) فالمهمة الفردية أسرع وأوفر وأفضل، وتذكّر دائماً أنَّ هناك من يُخزِّن عنك كل ما تراه، فاشتر بكميات محدودة تناسب استهلاكك حتى زيارتك اللاحقة للسوّق.
وعلى دروب الخير نلتقي.