د.عبدالعزيز الجار الله
لم يعط الرئيس الأمريكي ترامب مساء يوم الثلاثاء الماضي بتوقيت الشرق الأوسط الدرس لإيران وحدها ويوقظها من سباتها، ولكن قدَّم الدرس لدول أوروبا الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وكذلك روسيا والصين:
بأن من يحكم العالم في هذه المرحلة هي أمريكا.
وأن السياسة في العالم لا يقودها ويسيرها إلا السياسيون.
وبأن السياسة لا تحركها شركات الطيران والمصانع الأوروبية.
السياسة ومستقبل العالم لا تقوده المصانع والشركات الفرنسية والعقود التي أبرمتها بدرجة كبيرة الشركات الفرنسية مع الحكومة الإيرانية، وبدرجة أقل الشركات الألمانية والبريطانية، وأيضًا بدرجة أقل كثيرًا روسيا والصين، وكيف تحولت وزارات الخارجية إلى جولات مكوكية في الأيام الأخيرة إلى زيارات مسرعة إلى واشنطن لمنع انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران، فقد كانت هذه الدول لا يعنيها الانتشار النووي والذي أعلنته بعض دول العالم وليس فقط دول الشرق الأوسط وتحديدًا الدول العربية بالحصول على السلاح النووي متى حصلت عليه إيران، إما بالتصنيع الطويل الأجل أو السريع بالشراء التخصيب بدول أخرى، والتعاون مع خبراء وإنشاء مختبرات طاقة نووية سلمية تتحول سريعًا إلى سلاح عسكري.
مع أمريكا الصارمة فشلت بعض الدول في تسويق سهولة امتلاك السلاح النووي، وفشلت سياسة شركات الطيران والمصانع الكبرى في أن تمرر عقودها وصفقاتها التجارية عبر قادتها من السياسيين، والتزمت دول كبرى المراقبة، تراقب التطورات مثل روسيا والصين والهند والبرازيل تراقب صمود أمريكا ومدى اللعب بورقة السلاح النووي، فقد كان موقف ترامب أعاد للعالم عقله، حتى لا يحدث انفراط للسلاح النووي، وتحول العالم إلى شركات طيران وتجار سلاح وعقود يحركها المديرون والعلاقات العامة ومصالح أشخاص.
لو لم يكن ترامب حازمًا لتغير وجه العالم في تسابق نووي محموم، ومزادات عالمية للدخول في النادي النووي، الذي متوقع أن الأمر لا يحتاج إلى امتلاكه لسنوات طوال في الامتلاك والتهديد نتيجة التطور التقني السريع لتصنيع الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
إيران تحاول خلق الفوضى النووية، ودول مثل العراق وليبيا وغيرها حاولت امتلاك السلاح النوري استسلمت للأمر الواقع وتخلصت جبرًا عن مفاعلها، لكن إيران مستمرة بهذا الطلب منذ تولى أهل العمائم عام 1979م، وتعمل على محورين امتلاك الساحل النووي وتخريب الدول العربية، لكنها من اليوم ستدخل إيران النفق المظلم كدولة وشعب.